المولّدات الأهليَّة

آراء 2021/05/24
...

 علي كريم خضير
 
بعد اقتراب فصل الصيف، وارتفاع درجات الحرارة، بدأت الحاجة إلى عمل المولدات الأهلية تزداد طلباً في ظل تراجع معدل ساعات التشغيل اليومي للطاقة الكهربائية، الذين إعتدنا على وعودهم البراقة بتحسين الأداء في كل موسم يسبق فصل الصيف، ولكن من دون جدوى، أو سبيل إلى الوعد. وقد يكون الحديث عن إشكاليات الطاقة الكهربائية يقودنا إلى متاهات لا حصرَ لها. لأنَ الأسس التي قامت عليها بنية عمل هذه الوزارة بعيدة كلَّ البعد عن التخطيط الستراتيجي، والمصلحة الوطنية العليا. وبالتالي فإنّ تصفير هذه الأخطاء يكلّف الدولة عشرات المليارات من الدولارات، هُدرت بطريقةٍ عمديةٍ، من أجل المنافع الشخصية، وإبقاء التعامل بأرباع الحلول في ظلّ غياب الانتماء الوطني، وعدم وجود المستشارين الأكْفاء في الجانب الفني لرؤساء الحكومات. ما أدى إلى فوضوية العمل، وإتاحة الفرصة الكافية لذوي النفوس الضعيفة، والضمائر الميتة من استغلال هذه الثغرة لمصالحهم الخاصة.
 ومن مظاهر أرباع الحلول، ما انتهى إليه الحال من تمسك المواطن بالاشتراك الشهري مع أصحاب المولدات الأهلية الذين أثروا هم أيضاً، على حساب المواطن الفقير، وتلاعبوا في مقدَّراته وقوتهِ اليومي، تحت يافطة الانتماءات الحزبيَّة، التي يستطيعون عبرها من ليِّ أذرع المواطنين، وغالباً ما تجد لأحدهم أكثر من مولّدة في مناطق مختلفة. وينبغي الخضوع لشروطهم بلا منازعٍ، أو اعتراض يُذكر.
 ومن أبرز هذه الشروط، أنَّ سعر الأمبير الواحد في المنطقة الواحدة غيرُ متفقٍ عليه بين أصحاب المولدات الأهلية. فالقلّةُ منهم قد يدركون حاجة المواطن، وظروفه المعيشية، فيعملون وفقاً للسياقاتِ المطلوبة، ويلتزمون بسعرِ الدولة المشروع. ولكنَّ السواد الأعظم منهم لايكترثون للتعليمات الصُّورية التي تحدد لهم، لأن من يصدر هذه التعليمات وأخصُّ بالذكر منهم مجالس المحافظات أو ديوان المحافظة لا يعمل على تطبيقها، فساداً أو إهمالاً. كذلك فإنَّ المجالس البلدية، ومختاري المناطق لا يعملون بمبدأ المصلحة العامة في هذا المجال أيضاً. وعليه تبقى القضية مرهونةً بضمائر أصحابِ المولّدات الذين عرفنا مستوى تفكيرهم، وغاياتهم المطلوبة سلفاً.
 لذا أصبحت الحاجةُ اليوم مُلحّة إلى متابعة الموضوع من قبل جهازِ الأمن الوطني والإشراف على عمل بوستراتٍ شهريةٍ قبل استيفاء المبالغ المطلوبة من قبل المواطنين، تلصقُ على جدار بناية المولّدة الأهلية يثبت فيه، إسم صاحب المولّدة، وسعر الأمبير للشهر، وبيان استلام صاحبِ المولّدة لحصّتهِ الوقودية من الدولة، ولا يصرفُ أيَّ وصلٍ بالمبلغ إلَّا أنْ يكونَ موقّعاً ومختوماً من قبل ضابطِ الأمن المخولِ بالمتابعة. وبتلكَ الطريقةِ يمكننا السيطرة على محور مهم نخففُ به عن كاهلِ المواطن البسيط عبئاً كبيراً كان جاثماً على صدّرهِ زمناً طويلاً.