حريَّة الصحافة

آراء 2021/05/25
...

 حسين رشيد
في مثل هكذا أيام من عام 2003 كانت ابواب الحرية مفتوحة على مصراعيها، وسائل الاعلام العراقية والعربية والاجنبية تعمل بكل حرية، وما بين شهر واخر تصدر صحيفة ومجلة، حتى وصل عددهن الى العشرات في غضون عام تقربيا، لم تكن ثمة ايّ رقابة على الكتابة الا ضمير الكاتب
 
 رغم ان اغلب الكتابات كانت بمسارين، الاولى كشف جرائم النظام السابق، والوقوف ضد الاحتلال، ومثل هكذا مواضيع كانت ترفض في بعض الصحف التي أعدت الاحتلال «تحريرا». 
ومع ظهور تنظيم القاعدة والعصابات الارهابية تسلل الخوف الى عدد من الكتاب والصحفيين، وبعد اول حادثة اغتيال زاد الخوف والارباك، واخذت مساحة الحرية تضيق بفعل الاغتيال وبفعل ظهور زعامات لا يمكن المساس بها، وبعد تفجير سامراء واندلاع اعمال العنف الطائفية ضاقت مساحة الحرية اكثر واكثر، وباتت الخطوط الملونة تزداد في الصحف ووسائل الاعلام، ومع كل تشكيل حكومي جديد ودورة برلمانية جديدة تضيق مساحة الحرية وتزداد الخطوط والموانع، مثلما يزاد خوف الكتاب والصحافيين من متابعة القضايا والاحداث المهمة.
ومع تناقص اعدداد الصحف بشكل كبير، واعتكاف اخرى عن الصدور اليومي، بقي عدد محدود من الصحف المواظبة على الصدور، لكن لكل صحفية خطوطها الخاصة وموانع الرفض ومواضيع الكتابة المتاحة، اذ يدخل الانتماء القومي، والمذهبي، والحزبي في مساحة الحرية المتاحة، فضلا عن مصالح وعلاقات رؤساء التحرير واصحاب الامتياز التي تتحكم برؤية الصحفية وتحديد مسارها.
ثم جاءت مرحلة عصابات داعش الارهابية وما تلتها من تحرير المدن المغتصبة، لكن مساحة الحرية اخذت تضيق اكثر والخطوط تزداد والصحف تتقلص، حتى وصلت الى أعداد محدودة جدا، في ظل انفتاح «السوشال ميديا» التي باتت المساحة الاوسع للحرية، لكن ذلك لم يستمر طويلا، حين تم فرض رقابة مشددة من قبل الجيوش الالكترونية على الكثير من الكتاب والمدونين، حتىى وصل الخناق الى مراحل لم يكن احد يتخيلها في زمن الانتخابات البرلمانية وتشكيل الحكومات بأطُر ديمقراطية والتي من اهم ميزاتها حرية التعبير والتفكير وإبداء الرأي، لكن كل ذلك وبقية احلام التغيير النيساني بالحياة الكريمة، والرفاهية، والعدالة الاجتماعية ذهبت ادراج الريح وبقي ما يراد له ان يبقى
 ويستمر.
قبل ايام اصدرت منظمة «مراسلون بلا حدود» الترتيب السنوي لحرية الصحافة في العالم للعام 2021 وكان نصيب العراق المرتبة (163) من بين (184) دولة، ما يعني ان مساحة الحرية التي فتحت في نيسان 2003 ضاقت جدا في نيسان 2021 عسى ان تبقى على المستوى والقدر من الحرية وألا تختنق.