يعقوب يوسف جبر
لاشك أن التغيير السياسي الجذري الذي حدث في العراق في نيسان عام 2003، كان بمثابة انعطافة كبيرة في مسار العلاقات الإقليمية والدولية، فعلى الصعيد السياسي ثمة دول إقليمية وغير اقليمية اعتبرت هذا التغيير بمثابة حدث سلبي يشكل خطرا على مصالحها
لكن هنالك دول اخرى اعتبرته حدثا ايجابيا ومشروعا اقليميا ودوليا يصب في مصلحتها، لذلك شهد العراق ومايزال يشهد أحداثا ساخنة عكست ولاتزال تعكس هذا التباين بين هذين الاتجاهين المتضادين .
لكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو كيف يمكن للعراق كدولة وعلى صعيد سياسته الخارجية والإقليمية والدولية، أن يخرج من دائرة هذا الصراع ؟
وكيف يحقق التوازن بين هذين الاتجاهين المتنازعين ؟ هنالك عدة خيارات امام العراق كحكومة وكدولة.
الأول أن يتجه إلى تبني سياسة الانحياز فيوطد علاقاته الخارجية مع المحور الأقوى والانفع على كافة الصعد خاصة في المجال الأمني والاقتصادي .
أو يتبنى الخيار الثاني المتمثل بعدم الانحياز إلى اية دولة من كلتا الاتجاهين فيأخذ موقف الحياد .
لكن لكل خيار محاسن ومساوئ فما هو الخيار الأمثل الذي يمكن للعراق تبنيه ؟
اعتقد ان الخيار الأفضل هو الخيار الوسط المعتدل المتمثل بالمزج بين الخيارين بالشكل الذي يحقق مصالح العراق على المستوى الخارجي والداخلي .
ففي المجال الأمني يمكن للعراق أن يوطد علاقته مع الدول التي تدعمه أمنيا والتي تملك القدرات والامكانيات العالية والمؤثرة، وفي المجال الاقتصادي يمكن للعراق أن ينمي علاقاته مع الدول التي تساهم في تطوير اقتصاده وترتقي به إلى مصاف الدول المتطورة .
فهل يمكن للعراق أن يسير بهذا الاتجاه المعتدل ؟
لاشك أن هذا الخيار ليس صعب المنال بل يمثل الحل الجديد الذي سينتشله من الوضع السياسي الراكد وينقله نقلة نوعية كبيرة .
لقد عكفت حكومات العراق مابعد 2003 على تبني سياسات خارجية غير متوازنة مما اربك الوضع السياسي والأمني والاقتصادي، لذلك لابد من انتهاج سياسة خارجية معتدلة للنهوض بالعراق والارتقاء به، تقوم على حماية مصالحه القومية والوطنية بالدرجة الأساس، لان هذه المصالح لها الأولوية في مجال العلاقات الخارجية. ثم تأتي بالدرجة الثانية ضمانات مصالح الدول الصديقة له بالشكل الذي لا يمس السيادة الوطنية ولا يجعلها عرضة للانتهاكات والتدخلات والخارجية .
فهل ثمة رؤية واضحة متوازنة سيتبناها العراق كحكومة وكدولة وكبرلمان لتحقيق الأهداف الوطنية المنشودة .