السلطة الرابعة ولعبة التمويه

آراء 2021/05/27
...

 د. نازك بدير
 
شهد المجتمع تحوّلات سريعة منذ 17 تشرين أرخت ظلالها على مختلف مناحي الحياة، وتوجتها جائحة كورونا لتُحكِم الخناق على الشعب، وتحدّ القدرة على العمل والحركة. 
ولعلّ الفئة الأكثر تضرّرًا هي ما كان يُعرف بالطبقة الوسطى، إذ قضت الأزمة الاقتصاديّة وتراجُع الخدمات الطبيّة على أحلامها وطموحات شبابها.
أما الطبقة الحاكمة، فهي تبقى في منأى عمّا يحصل. ثمّة انفصال في الغالب الأعمّ عن الواقع بين من هم في موقع السلطة، وبين من يمثّلون ويفترض أن يدافعوا عن حقوقهم، ويعملوا من أجلهم. لكن على النقيض تمامًا، فالاتجاه يفترَض أن يكون نحو المواطنين ومصالحهم، نراه يتعمّق أكثر فأكثر باتّجاه الداخل نحو أمورهم الذاتيّة، متجاهلين الموت اليومي والجحيم الذي وصل إليه المواطن. وبدلًا من البحث عن حلول للخروج من الأزمات المستعصية التي تتفاقم يومًا بعد يوم، يبدو أنّ لا همّ لهم سوى الحفاظ على مكتسباتهم، حتى لو كان الثمن تجويع الشعب، تهجيره، موته المحتّم بوسائل 
مختلفة.
 أمام ما يحصل، تبدو وسائل الإعلام في حالة ارتهان لمموّليها، بعيدة من المصداقيّة في تقصّي الحقائق ومتابعتها وعرضها أمام الرأي العام. جلّ ما تقوم به كلّ محطّة من المحطّات الفضائيّة هو تبييض صفحة الزعيم الفلاني أو ذاك، ومحاولة رفْع المسؤولية عنه، وإلقاؤها على الطرف الآخر. فيستحيل الوطن إلى جبهات صراع، قد يكون المعيار الوحيد هو التّفتت والتشرذم والخصومات والتنافس على تعميق الشّرخ بين مَن جُرّدوا مِن حقوقهم وسُلِبَت ودائعهم وتحوّلوا من طبقة متوسّطة إلى طبقة معدَمة، وبين من تتضّخم الأنا عندهم ويزدادون فجورًا وتعنّتًا وتمسّكًا بمناصب يبدو أنّها تأخذ البلاد إلى المزيد من الفوضى والغرق في مستنقعات 
الفساد.
تفقد السلطة الرابعة والحال هذه دورها الأساس، لا بل أكثر من ذلك، تعمد في مواضع كثيرة إلى تشويه الحقيقة من طريق نشْر الأخبار الملفّقة والتقارير المشوّهة التي تخدم أصحاب النفوذ، وتغطي ما يرتكبونه من جرائم بحق 
الوطن.
ويبقى الفقراء يتصارعون في ما بينهم، في حين ينفق الكبار وقتهم بالتفرّج على مسرحية الموت اليومي.
 
أكاديميّة لبنانيّة