في مواجهة المشروع الاسرائيلي

آراء 2021/05/27
...

 محمد شريف أبو ميسم
 
بعد أن تطورت أدوات التوسع والهيمنة بموجب تطور تكنولوجيا المعلومات وثورة الاتصالات، فضلا عن تكريس ظواهر العولمة الاقتصادية والثقافية والامنية وظهور اقتصاد المعرفة، باتت أساليب الاحتلال والمصادرة تتعدى التفوق الجيوبولوتيكي لتصل الى مساحات الاحتواء الثقافي والاقتصادي، تحت مظلة الحاجة للاستثمار الأجنبي والانفتاح على ثقافات العالم في ظل العمل بنظام ليبرالية السوق الذي فرضته ارادة الأغنياء على شعوب
 الأرض.
وعدت الدول الرافضة لهذا النهج الاستعماري الحديث مارقة بامتياز ومصدر تهديد للسلام، فكان التدجين أحد أهم أساليب الهيمنة على العقل عبر أدوات العولمة الثقافية رفضا للموروث الثقافي وتقطيعا لأوصال الخصوصيات 
المجتمعية. 
وعلى هذا لم تعد القضية الفلسطينية محض احتلال للأراضي الفلسطينية، بعد أن عاد الشعار الصهيوني «من الماء الى الماء تترامى أطراف الدولة اليهودية الكبرى» ليلبس حلة الاستثمار الأجنبي في ظل عولمة اقتصادية، وليبرالية تمنح الحرية للرساميل الأجنبية في تملك الأرض وادارة شؤون الحياة، وبدعم من أدوات العولمة الثقافية التي وظفت الخيبات لدى الأجيال التي عاشت مراحل الهزائم العربية، واستغلت نزعة الغرائز لدى الأجيال الجديدة وحلم العيش في دولة الرفاه، مقابل رفض اعتناق العداء لاسرائيل وهنا جاءت موجة التطبيع مع نظم لها تاريخ طويل من التعامل مع اسرائيل لتدعم هذا التوجه، بوصفه منعطفا جديدا لمرحلة الشراكة والسلام مع الكيان الاسرائيلي. 
ان الرؤية بعين واحدة، وتجاهل النزعة الصهيونية في التوسع من أرض الكنانة الى بلاد ما بين النهرين بموجب الوعد التوراتي، لا تمنع اعادة النظر وفتح العين الأخرى، اذ ان الليبرالية «سلطة المال» تمنح حق تملك الأرض للأجنبي، وتعطية حق المواطنة وادارة شؤون الحياة، والعولمة تجرد الدولة من سيادتها، بموجب حركة أموال الشركات التي تحكم العالم وحرية حركة الأيدي العاملة وعولمة الأمن، وحتى الأمن 
الغذائي.
 ومن يعتقد أن لا تكافؤ في أدوات التصدي والمقاومة فلينظر الى الأداة العقائدية التي ترتقي على كل أدوات الهيمنة والتوسع، ولينظر الى ما يحدث الآن في الساحة الفلسطينية، برغم التفوق الصهيوني في المسار العسكري والاعلامي، وبرغم برنامج الفتنة المستدام بشأن العداء بين الطوائف الاسلامية، الا أن بصمة التلاحم كانت واضحة وصادمة للكيان وحلفائه، فكانت جبهة الرفض التي تحمل العقائد، بداية لضرب برنامج الهيمنة واسقاط أدوات
 التوسع.