الإصلاح يبدأ باسترداد عوائد الفساد

آراء 2021/05/29
...

 كاظم الحسن
 
لا أعلم كم نحتاج من الزمن لترجمة الاصلاح على ارض الواقع؟، لكن من المؤكد هو ضرورة ملحة للنهوض بالواقع واعادة دورة الحياة في كل مجالتها الحيوية النابضة بمقومات الازدهار، إلى مسارها الطبيعي. تكاد كل الامم تمر بالواقع الذي نعيشه بعد الخروج من الدكتاتورية البغيضة، لكن تحتاج الى بعض الوقت كفترة انتقالية بفعل التركة الثقيلة من هكذا نظام بوليس متسلط على كل شيء، وهو اشبه ما يكون بماضٍ، ما زالت بقاياه تجر العجلة الى الخلف، وحاضر لم تتبلور صورته وتتأصل في ارض، ما زالت هشة وعصية على التغيير نحو بر الأمان والاستقرار والسلام، الذي ينتظره العراقي على احر من الجمر، بعد سنوات طويلة من مكابدات الحروب والمآسي، التي ألمت بهذا البلد وخلفت تحديات صعبة ليس من السهولة تخطيها، بأقل الخسائر الممكنة. 
ويعد الارهاب والفساد من اهم العقبتين اللتين تواجهان العهد الجديد وتنخران بجسد الدولة العرقية، واذا كان الاول قد تم تهشيمه والقضاء على قدراته العسكرية والتنظيمية واللوجستية وتجفيف منابعه وحاضناته الرئيسة، فإن الثاني ما زال يشل من امكانيات الدولة وقدراتها المادية، وهو يتبرقع بمسميات متعددة ويتشبث بمغانمه، ويريد اعادة انتاج نفسه من جديد وغسيل امواله، لكي يبدو بصورة جديدة ولذلك فان مشروع قانون «استرداد عوائد الفساد» المطروح على البرلمان، يمثل خطوة تاريخية جبارة لاسترداد الاموال المنهوبة، وإعادة هيبة الدولة وتحقيق العدالة وتأهيل هذه الأموال للمشاريع الاقتصادية ومواكبة التطور في العالم والاندماج في المجتمع الدولي، الفساد قضية عويصة وبحاجة الى ارادة سياسية صلبة لا تتهاون في ملاحقة الفاسدين والمفسدين وتقديمهم للقضاء، لينالوا القصاص العادل. قد يكون مصطلح عوائد الفساد غريبا على الاسماع، لكنه يشي أن كل ما يركمه الفساد، فهو فاسد ويستحق مصادرة أموال السحت الحرام، الذي تجرمه كل الاعراف والقوانين والاديان. من المعروف ان الفساد في العالم موجود ولكن في نسب متدنية، ويمكن السيطرة عليه، ولكن حين يبتلع اقتصاد الدولة، فان ذلك خطير جدا ولا بد من سن قوانين صارمة، لردع كل من تسول له نفسه لهدر او سرقة المال العام، ولا بد من التشدد في العقوبة، لكي تناسب هذا الجرم المستشري في مفاصل الدولة، وكما يقال «إن المال السائب يعلم على السرقة» «وإن من أمن العقاب سرق الخزنة وما فيها» ولذا آن الأوان ليكون القول الفصل في هذا الوباء، الذي يستنزف الدولة، وهو لا يقل خطورة عن كورونا والارهاب في دماره وتخريبه وضرره.