أثرُ الاتفاقيَّة الايرانيَّة- الصينيَّة على دول الخليج

آراء 2021/05/30
...

   أ.د.جاسم يونس الحريري                                                                            
  شرعت الصين الى عقد اتفاقية شراكة اقتصادية طويلة الامد في 27 آذار/مارس2021 مع ايران تمتد لمدة 25 عاما، تتناول سبل التعاون بين الطرفين في مجالات عدة، إذ من المؤمل أن تقدم الصين استثمارات بقيمة400 مليار دولار لايران في مقابل امدادت ثابتة من النفط الايراني للاقتصاد الصيني.  
تعطي هذه الاتفاقية دورا جديدا لايران في المنطقة، ليزداد النفوذان الايراني والصين على البحر الابيض المتوسط بالتشارك مع روسيا امتدادا الى أفغانستان. 
وقد استاءت بعض دول مجلس التعاون الخليجي مثل السعودية والامارات من تلك الاتفاقية، كونها ستعطي مرونة من الاصول المالية التي تمكن ايران أن توظفها لصالحها في مناطق متعددة من المنطقة في العراق وسوريا ولبنان واليمن، فضلا عن أن هذه الاتفاقية ستعزز من قدرة ايران الاقتصادية في مواجهة العقوبات الاميركية، التي فرضها الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب، ناهيك عن دعم الموقف التفاوضي لايران في اتفاقية الملف النووي.
إن من أبرز انعكاسات الاتفاقية الايرانية- الصينية هي توسيع مبادرة {الحزام والطريق} الصينية لتشمل منطقة الخليج والعراق وسوريا، وتحويل دمشق الى مركز تجاري رئيسي بين ايران وتركيا والعراق، وهذا الامر قد يكون مستفزا للمصالح الاميركية في المنطقة وحلفائها التقليديين دول مجلس التعاون الخليجي. 
الامر الاخر الذي تعدّه دول الخليج مهددا لمصالحها جراء تلك الاتفاقية هو وجود بند خاص في الاتفاقية يجعل ايران المحطة الاساسية لمرور {طريق الحرير} بدلا من الجزيرة العربية، التي كانت احدى المحطات الرئيسة قديما في هذا الطريق ومنافسة الممرات التجارية التي تروج لها ايران حاليا لممرات وموانئ خليجية قائمة على الخليج العربي أو على الاحمر، فضلا عن ذلك تخشى دول الخليج من بند اخر حول تمتين التعاون العسكري الصيني – الايراني، الذي تعده تلك الدول تهديدا مباشرا لأمنها، واستقرارها، بل إن الامر الذي تخشاه دول الخليج تهديد ليس لامنها فقط، بل للامن والسلم الدوليين اذا ما وصل التعاون الايراني- الصيني لمجالات الابحاث النووية.
ومما يثير الانتباه لدول الخليج العربي حول الاتفاقية الايرانية- الصينية امكانية حصول ايران على وعود صينية لتطوير شبكة السكك الحديدية الداخلية وتطوير ساحل مكران Makran على بحر عمان، وتطوير ميناء جاسك Jask وعبادان Abadan وجزيرة كيش Kish بالخليج العربي. الامر الاخر الذي يثير الانتباه اليه هو وصول الصين الى الموانئ الايرانية وعلى رأسها ميناء جاسك القريب من مضيق هرمز على الخليج العربي لضمان تدفقات النفط الايراني للصين، ناهيك عن أن هذه المقاربة تجعل هذا الطريق قريبا من مقر الاسطول الخامس الاميركي في البحرين، وهو يمثل مرحلة جديدة من انهاء الاحتكار الاميركي للحضور الدولي في الخليج 
العربي.