أدت التهديدات المعلوماتية في السنوات الأخيرة في جميع أنحاء العالم إلى انفجار تكاليف الشركات والمؤسسات في سوق يشهد حالة تجديد مستمرة.
أجهزة حماية ومراكز مراقبة عن بعد وتشفير وإدارة الهويات ومعلومات بشأن التهديدات المقبلة وصيادو مكافآت للعثور على الثغرة في الأنظمة: يشهد هنري اغران رئيس الاتحاد الفرنسي لمدراء تكنولوجيا المعلوماتية على مدى تعقيد الاجراءات الوقائية التي باتت ضرورية اليوم.
الأمن المعلوماتي
ويترتب على ذلك كلفة إضافية للشركات والدول، ما يشكل نعمة لمقدمي هذه الخدمات.
تتوقع شركة غارتنر الأميركية التي تعدُّ مرجعا، نموا بأكثر من 12 % للسوق العالمية للامن المعلوماتي هذه السنة لتصل الى 150 مليار دولار بعد ارتفاع بلغت نسبته 6,4 % في 2020.
والوقائع تذكر باستمرار بأنَّ أي إهمال قد تكون كلفته باهظة.
الأحدث من نوعه هو حين أقرت شركة «كولونيال بايبلاين» في صحيفة «وول ستريت جورنال» بأنها اضطرت لدفع فدية بقيمة 4,4 مليون دولار لقراصنة معلوماتية قاموا بشل الشركة التي تشغل خطوط أنابيب بطول 8800 كلم في الولايات المتحدة في مطلع أيار ما اضطر الأميركيين الى الانتظار في طوابير امام محطات الوقود.
يتضمن الأمن المعلوماتي أنشطة عديدة ومتنوعة أكثر وهذا لن يتوقف قريبا مع تعميم استخدام الحوسبة السحابية ووصول شبكة الجيل الخامس.
هذا حتى بدون الحديث عن الاستعداد لعصر «الكم» وهو مرادف لأجهزة كمبيوتر لا حدود لقوتها.
حركة دائمة
وقال لويك غيزو الأمين العام لجمعية «كلوزيف» التي تضم أخصائيين فرنسيين في مجال أمن المعلوماتية إنه «على مدى السنوات الثلاثين الماضية، لم نتوقف عن رؤية شركات جديدة تظهر وتجلب تقنيات جديدة أصبحت شائعة بعد ذلك».
وأضاف «هناك وفرة في المفاهيم» مثل «حركة قلب دائمة»، كما يوضح.
بحسب أرقام شركة «برايس ووتر كوبرز» في تقرير حول التوجهات الرقمية العالمية 2021، فان العقد الماضي شهد ظهور عشرين شركة ناشئة قيمتها أكثر من مليار دولار بينها نحو عشر في العامين الماضيين وحدهما.
وقال جيروم بيلوا خبير الأمن المعلوماتي في شركة الاستشارات «وايفستون»، «لقد بدأت في 2001 بالاهتمام بالامن المعلوماتي. في تلك الفترة، غالبا ما كان الخبراء يجتمعون في نهاية الممر ويتحدثون عن أشياء تقنية جدا لم يرغب أحد في الحديث عنها. ثم تغيرت الأمور».
حدثت نقاط التحول «في 2007/ 2008» حين أدركت الشركات التي كثفت مشاريع الحوسبة والشبكات نقاط ضعفها الجديدة» كما أضاف.
وتابع «ثم حصل شرخ كبير آخر في 13 /12 /2011، مع الهجمات الإلكترونية الضخمة الأولى (ستاكسنت، سوني بيكتشرز، واناكراي) التي ألقت بسرعة الضوء على التهديدات. وهذا الأمر ليس على وشك التوقف».
في فرنسا، تأثرت 25 % من الشركات بهجوم برامج الفدية في عام 2020 بحسب «سيسين» وهي شركة مسؤولة عن الأمن المعلوماتي الفرنسي.
نقص عالمي في الخبراء
أحد المفاهيم الرائجة اليوم هو «هندسة انعدام الثقة»، فقد انتهى زمن حماية «المحيط» حيث تكون شبكة المعلوماتية مثل قلعة ويكفي حماية الوصول الى الخارج.
بات العالم أكثر انفتاحا حيث يستند الأمن الى التحليل الدائم لحقوق وصول المستخدمين والشبكات.
وقال جيروم بيلوا «في الواقع، ما يحد من نمو سوق الأمن المعلوماتي اليوم هو القدرات البشرية: عدد الخبراء والأشخاص المدربين».
على الصعيد العالمي، يرتقب أن تبقى 3,5 ملايين منصب شاغرة في 2021 بحسب أرقام «برايس ووتر كوبرز».
وأوضح بيلوا «في القطاع الذي أعرفه، الاستشارات والخدمات، نحن مضطرون لرفض بعض الطلبات» من زبائن و{تأخير مواعيد».
بالنسبة للمهنة فان «التحدي الكبير هو بوضوح اجتذاب مواهب، سواء كانوا من الشباب او مهنيين في إعادة التدريب».
وشركة كولونيال بايبلاين تؤكد ذلك.
على موقعها الالكتروني، ورد في 21 أيار إعلان وظيفة بدوام كامل لمتخصص في الأمن المعلوماتي «على مدى أكثر من 30 يوما» قبل الهجوم الإلكتروني.