ثمن الانتظار

آراء 2021/06/01
...

 كاظم الحسن
ربما أن التكيف والتأقلم مع أوضاع شديدة القسوة، يتطلبان شيئا من الانتظار والصبر والمرونة، ولا يخلوان من الاذعان للقدر والمصير، املا في التغيير من داخل التاريخ او من خارجه، ولكن ليس وفق ما نرغب او نتمنى، وما لم يؤخذ في الحسبان هو ضياع العمر في لجة الانتظار
الذي يأكل من جرف الحياة، حتى تبدو الثمار،التي تأتي في غير موسمها لا تحمل نكهة ولذة القطاف وطعم الحصول على الاشياء، بل ان بريقها يضحى خافتا وباهتا لا يثير الدهشة.
في العادة يطلق على الطيور تسمية دقيقة وبليغة وهي البرية، اي الطيور الحرة لأنها لا تنتظر أن تأتيها الاشياء، فهي تبحث عنها لاسيما طعامها. في حين ان الطيور الداجنة يستهلكها الانتظار وهي لا تعيش لذاتها، وبذلك تكون اقرب الى جدلية السيد والعبد، التي تكلم عنها نيتشه، والتي تعني ان العبد يعيش لكي يحقق رغبات سيده، وليس رغباته وهذا يؤدي بطبيعة الحال الى جعل الكائنات المستعبدة اسيرة نظامها الاجتماعي الراكد، الذي يضيق عليها الخناق ويشل من حركتها وينمط من حياتها ويضعف من قدراتها على مواجهة الاخطار والمصاعب، التي تعترض حياتها، لهذا نرى المجتمعات الحرة منقذها من الداخل، اي نظام المؤسسات، في حين ان المجتمعات الشرقية تبحث عن الدكتاتور في خلاصها من أوضاعها المزرية.
وهي بذلك تكرس العبودية وتبقي أحوالها بذات السوء الذي كانت عليه، لان في الحرية تتعدد الخيارات والبدائل، وينمو العقل باضطراد مايكسبه فضيلة اختيار الاحسن والاجود في مسالك الحياة. المشكلة في الانتظار ان الانسان في مجتمعات العبودية يعتقد ان الزمن ايجابي، على الرغم من ركوده وجموده وان الفرصة سوف تطرق بابه عاجلا ام اجلا. ومن هنا لا يجب المراهنة على الزمن في حل ومعالجة ازمات العراق عن طريق الاعتقاد، بان الازمات تحل نفسها بنفسها. ولهذا نرى ان ترحيل الازمات والمشكلات الى اجل غير مسمى، املا بأن الانتظار سوف يحلحلها ويخفف من وطأتها، هو نوع من الوهم الذي يؤدي الى الاحباط والشعور بالغبن والاحتقان ازاء استحقاقات لا تحتمل التأخير والانتظار. بل ان بعض دول المنطقة قامت على انتظار وحدة هلامية من البحر الى النهر واهملت استحقاقات تاريخية من التنمية البشرية الى التنمية الاقتصادية. وفي المدارس تجد في الامتحانات من يقف امام السؤال الاول، متجاهلا بقية الاسئلة، الى ان يقرع الجرس من دون أن يجيب عن أي سؤال!. والاتحاد السوفيتي قامت ايديولوجيته على اساس انهيار الرأسمالية، لكي تتحقق وعود الرفاهية والوفرة والازدهار الاقتصادي، ولقد تفكك الاتحاد السوفيتي، ولم تتحقق الوعود في انهيار الدول الرأسمالية.