قاسم موزان
العنف هو القوة الكامنة والمخزونة في الذات البشرية التي يستحضرها الفرد في ظروف الفوضى وانعدام الاستقرار مثلما هو نتاج البيئة الموضوعية ولكن بدرجات متفاوتة، وهذا المكنون العنفي اذا تحول الى وسيلة من وسائل الاكراه او الافراط فيه فأنه يسهم في تنامي انحرافات تلك القوة الضاغطة، ويتجرد الانسان من كينونته الانسانية صوب ارضاء رغباته التعسفية وتتغير بوصلة تفكيره باتجاه متوحش في القتل والترهيب والخراب
والتدمير.
نلحظ طريقة التعبير الجمعي المنفلت الذي يمارسه البعض ازاء ادنى انفعالات او اشكالات نفسية او التعاملات بين الافراد بمزيد من الشد العصبي على مستويات عديدة منها التخاطب اللغوي الحاد اوالسلوك غير المنضبط الخالي من العبارات اللائقة والسيطرة على الشارع قسرا بطرق كثيرة، ما يتوجب العودة بالمجتمع الى اعادة ترتيب اوراقها التعامل الى الوسائل الهادئة، التي تبنى أساسا على افتراض السلام والمحبة كقيم اساسية تحرك الافراد بالمعاملة في ما بينهم وان لم يعد المجتمع، الى تلك القيم تبقى صورة العنف هي الاطار الذي يحتوي في داخله على أشكال العنف والعنف المتبادل في كل اوجه الحياة والمعاملات.
إنَّ العنف في تداوله اليوم وبشكل يومي بين افراد المجتمع يرسخ قواعد القوة كأساس للتفاهم بين فرد وفرد وجماعة وأخرى وهذا الترسيخ سوف يزيد من عذابات المجتمع، لأن القوة ستصبح هي المعيار في المعاملة والحكم وبالنتيجة يزداد قهر فرد على فرد آخر وجماعة على جماعة أخرى. ما يجعل العيش وسط هذا المحيط الاجتماعي على درجة كبيرة من الخوف والريبة من الاخر، ودرجة كبيرة من اضعاف القانون وانعدام التوازن المجتمعي، ويفقد المجتمع بذلك توازنه الاعتباري وضياع قيمه وضياع السلم الاهلي الذي يحتاجه كل وقت في أدنى
معاملة.
السقوط في فخ الولاءات يعني تقديم القوة والعنف المفرط في أدبيات حياتنا ويوميات معاملاتنا الاجتماعية وهذا ما اضعف القانون الوضعي و العلاقة بمؤسسات الدولة كجهاز حافظ للافراد وجماعات الوطن وهو بذات القدر قد اضعف روح المواطنة وافرغ من افراد وجماعات المجتمع تلك الروح، وجعلها تنغلق بالولاء الى الطائفة او القومية او العشيرة او الحزب لوجود مخاوف مزمنة من كل آخر مختلف، وهو الذي يمنعنا من الانفتاح بالانتماء الوطني على بعضنا البعض من غير محاذير او خوف.