ا.د.عامر حسن فياض
نحن والمنطقة نعيش واقعا، بأبعاده المحلية والاقليمية والدولية، يشهد أحداثا سريعة ومتشابكة تتقدم أحوال البلاد والعباد الى الوراء! فمتى نتطور؟ ومن اين نبدأ؟
إن الدخول الى عالم التطور في حياة المجتمعات يحتاج الى مفتاح، ومفتاح التطور تصنعه ارادة انسانية عاقلة تفهم جيدا، ان التطور لا يبدأ من دون ايقاف التدهور في مفاصل الحياة كافة.
وعلينا أن نفهم أن لا استقلال لدول المنطقة من دون ديقراطية كما لا ديمقراطية لدول المنطقة من دون استقلال، ولا تطور من دون الاثنين معا «ديمقراطية واستقلال». والتدهور التي تسبح به دول المنطقة وتراوح في دائرة القوى السياسية القابضة على السلطة هو العلامة الفارقة، لأن بعضها يسلك طريق الديمقراطية، متجاهلا الاستقلال والاخر يسلك طريق الاستقلال متجاهلا
الديمقراطية.
في الانتخابات تستعيد الشعوب زمام المبادرة وهو الامر الذي لا يروق لأعداد الشعوب، الذين يتجهون نحو افتعال الازمات واثارة الانقسامات وزرع الفتن وتحريف الانتباهات من الاستحقاقات الوطنية الى الاستحقاقات الجهوية الضيقة. ومثل هذا الجنوح يكرس العدمية الوطنية في البلاد ويعطل مسار تحولها من كيانات غير منسجمة الى دولة تنوعات منسجمة. كما ان مثل هذا الجنوح سيجعل من المحتج والمتظاهر الذي ينشد التطور ويرفض التدهور خارج دائرة الوعي، عندما يبقى يعرف ما لا يريده ويرفضه بالتظاهر فقط، معطيا ظهره للتنظيم وعازفا عن المشاركة في الانتخابات ترشيحا
وتصويتا.
واذا كان التدهور في بلادنا يروق للأجنبي فليس العيب ولا اللوم على الاجنبي المتدخل، بل العيب واللوم اولا على الجواني المرحب بالمتدخل والمستجيب لتدخلاته. فالبراني الخارجي يحسن التوريط وعلى الجواني مسؤولية ان يحسن عدم التورط. والارهابي لا يروق له استقرار الدولة ومؤسساتها الوطنية العسكرية والامنية. والاميركي كما الاسرائيلي ان لم يصنع الفوضى فإنه يحسن توظيفها توظيفا غير بريء، وعلينا ان نتطير من تشفي الاجنبي بالفوضى واللاستقرار في بلادنا.
والفاسد لا يتوقف عن فساده من دون محاسبته بقوة القانون اولا وايقاف الاستجابة له بقوة الوعي ثانيا، خصوصا بعد أن أصبح الفساد في البلاد ظاهرة وليس حالة او حالات فردية، واصبح منظما ومنهجيا وليس عفويا سائبا واصبح قويا وليس ضعيفا خائفا.
صحيح إن إعمار الدولة في العراق يستلزم مسارات وليس قرارات. وصحيح ان تطور الحال في العراق يعتمد صبر عقل عامر لا نزوة جهل عابر. لكن الاصح ايضا ان التدهور يتقدم في بلادي عندما اصبحت العشائر امارات، والمذاهب ولايات والقوميات ممالك وامبراطوريات، والعدمية الوطنية اجتهادات! وهكذا ستكون ابواب التطور مغلقة من دون مفتاح عنوانه ايقاف التدهور.