كاظم عبد جاسم الزيدي
إن ظاهرة الفساد ظاهرة قديمة عرفتها البشرية على مر كل الازمنة، وهي ظاهرة لا تعترف بالحدود الزمنية ولا بالحدود المكانية، حيث ان وجودها لا يقتصر على مجتمع ما او دولة دون اخرى، فلا يوجد على وجه البسيطة ذلك المجتمع الفاضل الذي يخلو من الفساد والمفسدين و لا تخلو دولة منه. من اجل تعزيز قدرات هيئة النزاهة للقيام بواجباتها باسترداد اموال الفساد وملاحقة المطلوبين والمحكومين داخل العراق وخارجه بالتعاون مع وزارة الخارجية وجهاز الادعاء العام وديوان الرقابة المالية الاتحادي والجهات ذات الصلة، والتحري وتبادل المعلومات وإقامة الدعاوى المدنية وتحريك الشكاوى الجزائية وانتداب قضاة مختصين في مجال النزاهة، ومنح المخبرين مكافأة على المعلومات، التي يقدمها في هذا المجال.
فقد قدم رئيس الجمهورية مشروع قانون «استرداد عوائد الفساد»، حيث اشار الى ان قيمة الفساد منذ سقوط النظام بلغ اكثر من «150» مليار دولار و يقصد بعائدات الفساد هي أي ممتلكات متأتية او متحصلة بشكل مباشر او غير مباشر من ارتكاب جريمة فساد، وقد اورد مشروع القانون تعاريف للمناصب العليا و اصحاب النفوذ، وهم الاشخاص الذين لهم تأثير في صنع القرارات داخل مرافق الدولة واجهزتها، وجاء مشروع القانون بآلية استرداد عوائد الفساد داخل العراق، حيث ان للمحكمة المختصة بناء على اقتراح رئيس هيئة النزاهة تجميد عوائد الفساد او اموال المتهم بجريمة فساد، اذا ما توفرت لديه ادلة او قرائن كافية على ارتكاب المتهم للجريمة ولقاضي التحقيق او المحكمة جز اموال المتهم بارتكاب جريمة فساد وقعت على مال منقول او غير منقول، او القت ضررا بأموال الدولة او حقوقها وتزود هيئة النزاهة البنك المركزي قائمة بشاغلي المناصب العليا وافراد اسرهم خلال ثلاثة اشهر من تاريخ نفاذ القانون، وتشعر البنك المركزي باي رصد للمعاملات المشبوهة التي تزيد قيمتها على خمسمئة الف دولار اميريكي او اية معاملة مشبوهة، ليتولى اشهار هيئة النزاهة لا جراء التحريات اللازمة
عنها. ولهيئة النزاهة وبناء على توفر الادلة وحسب السياقات القانونية التنسيق مع جهاز المخابرات وديوان الرقابة المالية للتحري، وتدقيق المعاملات المالية، ووفقا للقانون العراقي، فان قرار المصادرة للمضبوطات التي تعد من عائدات الفساد او ما تحصلت عنه، فان ذلك من اختصاص محكمة الموضوع ولا يمنع انقضاء الدعوى الجزائية بحق المتهم، لوفاته او للحكم بعدم مسؤوليته عن الجريمة او العفو عنها او بوقف الاجراءات وقفا نهائيا من مصادرة الممتلكات او الاموال او المعدات او الادوات او الايرادات، وقد اورد مشروع القانون امورا منصوص عليها في قوانين اخرى، حيث ان الحكم بالإدانة المكتسب درجة البتات عن جناية فساد يستتبعه بحكم القانون عزل المحكوم عليه من الوظيفة العامة، وحرمانه نهائيا من توليها او التعاقد مع الدولة او احد الاشخاص المعنوية العامة بصفة مقاول او لتوفير الخدمات او البضائع او السلع، ولا يسقط عنه ذلك عنه شموله بالعفو العام او الخاص، ولرئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح من رئيس هيئة النزاهة منح مكافأة، لا تقل عن واحد بالمئة من قيمة الفساد للمخبر عن جريمة فساد، لا تقل قيمة الفساد فيها عن خمسمئة مليون دينار ،ولقاضي التحقيق وقف الاجراءات القانونية مؤقتا ضد أي فاعل او شريك في جريمة فساد، اذا ما أبدى استعداده للتعاون مع هيئة النزاهة او الجهات التحقيقية المختصة لكشف الفاعلين او الشركاء الاخرين، وتضع هيئة النزاهة بالتنسيق مع وزارة الخارجية خطة لا برام اتفاقيات ثنائية، لاسترداد عوائد الفساد واموال العراق المهربة للخارج مع الدولة، وتحديد الاولويات في ضوء حجم الاموال الموجودة في كل دولة، وتلاحق المحاكم العراقية المختصة العراقي المتهم بارتكاب فعل مجرم، وفقا لأحكام الاتفاقية عن الفعل المنسوب اليه، و اذا ما رفض طلبه طلب تسليمه الى دولة اجنبية لكونه عراقي الجنسية، بناء على طلب الدولة طالبة التسليم و تتعاون معها في اجراءات التحقيق والمحاكمة، وان مشروع القانون يتكون من «45» مادة قانونية وان الكثير من هذه المواد منصوص عليها في قانون اصول المحاكمات الجزائية وقانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع، وهي مواد اجرائية لاسيما احكام المصادرة واحكام عرض العفو عن المتهم وان استرداد اموال العراق المنهوبة يتطلب تضافر جميع الجهات، خصوصا ان المبالغ كبيره جدا وان القانون يشمل جميع مسؤولي الدولة العراقية، الذين تسلموا المناصب الاكثر عرضة للفساد ومنذ عام 2004 من درجة مدير عام فما فوق وتقوم الجهات المختصة بعداد قوائم مؤثقه بشاغلي هذه المناصب خلال سبعة عشر سنة، وان ظاهرة الفساد لا تقل شأنا عن ظاهرة الارهاب، وان مشروع القانون لم يعتمد على الجانب الاداري، وانما اعتمد الجانب
العقابي.