أ.د.جاسم الحريري
أقيم مخيم مخمور في عقد التسعينيات من القرن المنصرم عندما عبر آلاف الكرد الحدود من تركيا، في خطوة تقول أنقرة إنها كانت بتحريض متعمد من حزب العمال الكردستاني. واليوم يهدد الرئيس التركي رجب طيب آردوغان باستهداف عمق العراق، واحتلال مخيم للاجئين الذي يعد ملاذا آمنا لمقاتلي الحزب
مؤكدا «أن مخيم مخمور الذي يقع على بعد 180 كيلومترا جنوبي الحدود التركية، ويأوي لاجئين أتراكا منذ أكثر من 20عاما يعد حاضنة للمقاتلين، ويتعين التعامل معه، إذا لم تطهره الامم المتحدة، فسنقوم نحن بذلك باعتبارنا دولة عضو بالامم المتحدة» مضيفا أن «أنقرة تعتقد أن مخيم مخمور يشكل تهديدا لا يقل عن التهديد الذي تمثله جبال قنديل معقل حزب العمال الكردستاني والواقعة على مسافة أبعد باتجاه الشمال». وجدير بالذكر أنه منذ أبريل/نيسان 2020 تلقت بغداد ردا صادما من أنقرة على احتجاجها على انتهاك الطيران الحربي التركي للمجال الجوي العراقي وتنفيذه قصفا في عمق الاراضي العراقية، خلف ضحايا مدنيين. إن السلوك التركي منذ ذلك التأريخ ولغاية الآن يعد في موازين العلاقات الدولية، وحل الخلافات الدولية انتهاكا صارخا للاعراف الدولية ومواثيقها، التي تحرّم انتهاك سيادة بلد ما الا بتخويل من مجلس الامن وفق الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة، وبالرغم من ازدواجية السلوك التركي في هذا المجال، فإن تجربة التدخل التركي في سوريا اثبتت أسقاطا لذرائعها الامنية لملاحقة عناصر من حزب العمال الكردستاني P.K.K و تزيد الشكوك بوجود مطامع أوسع لها، بدليل وجود قوات تركية في مدينة أدلب بالشمال السوري، حيث لا وجود لفصائل كردية مسلحة في تلك المنطقة. لقد استغلت تركيا الوضع السياسي العراقي، وتجاذباته مع قرب الانتخابات العراقية المبكرة في العاشر من تشرين الاول/أكتوبر 2021، وتعقيدات المشهد السياسي العراقي السياسية، والاجتماعية، والامنية، والاقتصادية، وهو ما يشجع تركيا على التهديد والوعيد للتدخل واختراق الاراضي العراقية لاسباب واهية، بحيث أن عملياتها العسكرية أصبح لها محور يمتد من جبال قنديل شرقا الى سنجار غربا، مرورا بمنطقة مخمور جنوبي مدينة الموصل. البعض يصف التدخل التركي وتهديداته للعراق منافسة ومزاحمة للاجندات الاقليمية في العراق، بل الانكى من ذلك أن تركيا أنشأت بقرار أحادي قاعدة عسكرية في منطقة «بعشيقة» قرب مدينة الموصل شمالي العراق، وأصرت على عدم أخلائها رغم مطالبات العراق بذلك عدة مرات.