المساواة والعدالة الاجتماعية

آراء 2021/06/07
...

    ريسان الخزعلي
                         
في تداولاتنا الشفاهية، المباشرة أو الإعلامية، عندما يجري الحديث عن الفقر وتوزيع الثروة والأحوال الاجتماعية، ترد في سياق الحديث عبارتان، هما: المساواة والعدالة الاجتماعية. ومعظم هذه التداولات لا تُفرّق بين معنيهما ودلالتيهما، وإنما يتم استخدامهما وكأنهما من جذرٍ لغوي واحد يفضي إلى معنى واحد، في حين أنَّ لكلٍ منهما تبياناً خاصاً في الفكر السياسي والاقتصادي والديني. إلا أنَّ المفكرين وعلماء الاجتماع وضعوا الحدود الفاصلة بين الاثنين قائلين: إنَّ المساواة، هي (الدعوة إلى تطبيق القيم الاجتماعية التي توصي بالمعاملة المتساوية للحالات المتساوية ونبذ المقاييس غير المناسبة في تصنيف الحالات). وكأمثلة بسيطة على المساواة: حق التصويت الإنتخابي لجميع أفراد المجتمع البالغين مهما كانت: أجناسهم، دياناتهم، ثقافاتهم، مستويات ثرواتهم، قومياتهم.. الخ، حق التعليم الدراسي، حق الضمان الصحي والاجتماعي، حق المساواة والدفاع عن النفس أمام القانون، حق امتلاك السكن المناسب، وغيرها الكثير. وهنا لا بدَّ من ملاحظة الطبقية المهنيّة المجتمعية وأهميتها، وهي طبقية موجودة في كل المجتمعات، سواء كان نظامها اشتراكياً أو رأسمالياً أو غير ذلك. فالراتب الذي يتقاضاه العاملون في القطاعات العامة أو الخاصة لا يخضع لمفهوم المساواة المطلق، فراتب الطبيب أو المهندس أو عالم الذرّة أو الطيّار يختلف عن الراتب الذي يتقاضاه: كاتب الصادرة والواردة، موظف الاستعلامات، مراقب العمل، موظف العلاقات والإعلام..الخ، إذ إنَّ الفارق هنا يعتمد على طبيعة الخدمة وخطورتها وأهميتها في الإنتاج والإنتاجية. كما أنَّ مِهَناً حاكمة تُعامل بخصوصية أخرى: رواد الفضاء، عمال المناجم، التصنيع الحربي، وغيرها. ومثل هذه التباينات قد عالجها الفكر الماركسي مبكراً باعتماد مفهوم : من كلِّ حسبٍ طاقته ولكلِّ حسبٍ حاجته. إلا أنَّ نمط الإنتاج الرأسمالي ما زال يُكرّس الفارق الطبقي بطريقته المعروفة. 
أما العدالة الاجتماعية، فهي باختصار شديد، مفهوم إنساني شامل يضمن الحقوق والواجبات لكل أفراد المجتمع من دون تمييز، وتوزيع الثروة بطريقة عادلة تشمل الجميع وفق أسس تراعي مستويات الفقر والحاجة المعيشية، ومنح الفرص في العمل وفق مبدأ التكافؤ، وتوفير الخدمات بجميع أشكالها وبما يضمن شمولها للجميع، وغيرها الكثير مما لا يسع المجال توضيحه. إذن، لا بدَّ من معايير واضحة لكل من المساواة والعدالة الاجتماعية، تؤطرها قوانين ضامنة تكفل الحياة الكريمة للجميع.