هوية الدولة قوتها

آراء 2021/06/09
...

 نوزاد حسن
 
 قد يبدو الأمر صعب التصديق إن تحدثنا عن هيبة الدولة في مكان يمتد تاريخه الى اكثر من خمسة الاف عام. فمن بلاد الرافدين تعلم العالم، وانتشر ضوء المعرفة على الكون. ومع ذلك فنحن نتحدث عن دولة لا بد أن تكون كلمتها هي العليا لكي لا نسير الى الفوضى. لكن البحث عن دولة حقيقية يجعلنا نشعر بانفصال لا يمكن تفسيره بين ثراء الحكمة التي تحمعت طوال آلاف السنين في هذه الارض، وبين هذا الضياع السياسي الذي نعيش فيه. اننا نقارن بيننا وبين دول لم تبلغ سن الرشد بعد، لكنها صنعت لنفسها هوية تدل عليها. وقدمت لشعبها ذلك الاطمئنان الرائع الذي صنع مواطنا يعرف ماذا يريد. ويفتخر بهوية البلد التي يحملها.
 بعد كل مقارنة نسأل: كيف لم تصنع لنا الحكومة نظاما سياسيا قويا، في حين حدث في كثير من دول العالم شيء مختلف. وما سر هذه الفجوة بين تاريخنا الحديث, وبين الماضي بكل عمقه واهميته؟. سؤال فيه الكثير من القلق والخوف على مصير وطن لم تصنع السياسة منه أنموذجا.
 إن ضعفت الدولة يصيب مواطنيها بالضعف ايضا. هذه ليست نظرية في علم الفراسة، بل هي وجهة نظر يلمسها كل انسان يتأمل شعبا ما. وبمعنى ادق: يصبح المواطن شبيها بدولته. إنه متردد ويشعر بأنه بلا قرار. كما يفضل الحديث عن القيم والافكار الخيرة، لكنه يخونها في اول تجربة تتعلق بالمال العام. وحين تختلف الاحزاب السياسية في كل شيء يختلف الناس بقوة في ما بينهم في اشياء تافهة، واشياء مهمة. ونادرا ما تخلو تلك الاختلافات من تهم جاهزة تلصق بالاخرين. في السياسة لا يمكن البحث عن المعاني وتقديم الافكار، من دون ارادة حقيقية وفعل يغير واقع الناس، ويجعل وجود الدولة قويا بكل معنى الكلمة. ومع تحقق شرط هيبة الدولة سيكون الافراد صورة من هذه الهيبة، التي نبحث عنها جميعا.  لكني في واقع الحال افضل مصطلح الدولة القوية على مفردة الهيبة التي ترتبط في اذهاننا برجل واحد يقود شعبا. القوة كما اظن تعني تكامل ادوات الدولة في ممارسة تجربة الحكم، وهذه قضية نتمنى جميعا أن نراها تحصل في الاعوام المقبلة.
 فهل هو حلم رافديني أم أمل قريب الحدوث؟.