الكتابة بين فعلها الأخلاقي والهذيان

آراء 2021/06/10
...

  عماد جاسم 
يروق لبعضنا ان يرتدي ثياب الطاووس عبر تجنيد طاقات الكتابة لنغالي في تعظيم الذات واكساء صفات النبوة عليها، مع تحقير متعمد للاخر،  ويروق لمشرطنا ان يشرح  «بتشديد الراء طبعا» في أحوال الناس وطباعهم، مستثمرين هذا الفضاء وقدرة الايصال المتاحة، وهنا تبرز الاسئلة الاخلاقية، لماذا نكتب؟! أي الأهداف المبتغاة من فعل التدوين؟ من الذي يمنحنا حق التخوين والتجريح او حق التحليل الذي لايستند الى وقائع معروفة او حقائق مسلم 
بها؟!.
الى أي مدى سيكون لفعل الكتابة الدور النقدي الانساني او المسعى الجمالي؟ يبدو أنني أتجه نحو التعريف بالرقيب الداخلي دون أن أعلم، ويبدو أني أفتش عن موانع تربوية رقابية، ويبدو أن هناك من يجد فيها ضالته وانقاذه من كابوس الفراغ، وهناك من يعتقد انها نعمة التكنولوجيا الحديثة فلما التفريط بها؟ والمهتمون بالعلوم النفسية يعتقدون انها فعل تطهيري، تمكن المدون من تفريغ شحنات غضبه في مواقع التواصل الاجتماعي، معلنا عن نفسه المغيبة ونافثا حمم الشر او العويل او البكاء على اطلال الذكرى الشخصية او الجمعية، حينها سيحتفل بسعادات آنية نتيجة «اللايكات» والاعجابات، التي غالبا ما تنطوي على أوهام وأكاذيب مجتمعية، مكتفيا صاحبنا المدون طبعا بهذا التضامن الذي لايؤسس على فعل جمعي أخلاقي ومبدئي رصين، فأغلب المتفاعلين معه يعيشون متاهة فقدان الاهمية وتدني الشعور بالتضامن مع العمل الجمعي المؤثر والايجابي، ولأن الضمير نام منذ زمن تحت جبروت الخسارات والانكسارات الذاتية والجمعية، فان الروح تواقة للانتقام من الحب والفرح والاعمال الجوهرية او الخدمة الوطنية والانسانية، انها رغبة تكسير التماثيل الجميلة التي يتقنها الكثيرون ولا مناص من التعريف بها، كي نتقي هذيانات المتربعين على عروش الوهم والمغرمين في تسطيح الفعل الجوهري من الكتابة، فهي بالإمكان ان تكون دليل تحضر، ويمكن أن يكون سحر بيانها طريق سعادة ومبتغى ارضاء للذات والمجتمع، يمكن لسحر الكتابة أن يقي النفوس عوز الجمود العقلي  والركون الى الفراغ الهائل واللا جدوى، ويمكن أن تستثمر لتبعث تلك الطاقات الايجابية بين افراد مجتمع يرنو لصناع حروفه أن يفتحوا لهم نوافذ الأمل المرتجى، ويطوعوا مواهبهم لتحصين الروح من براثن الوجع 
المر.
لا بد القول إننا نكتب لنضيء، نكتب لنهدي ونتضامن، نكتب لنقوم ونسهم في اشعال غواية المحبة المطلقة، نكتب لتحسين بيئة وطننا، لارشاد اجيالنا نحو نقاء السريرة والتمسك بآخر الرهانات، إنه الوطن والفعل الثقافي المتأصل والخارج من اتون التجارب،  نكتب لنهتدي لبعضنا، نحن العاشقين والمغرمين بفكرة العدالة وانعاش جذوة الامل والانتصار لقيم الخير 
والجمال.