مفاهيم التسامح والتعايش

آراء 2021/06/12
...

 محمد صادق جراد
 تأتي أهمية تطبيق مفاهيم التسامح والتعايش كونها احد اشتراطات تحقيق السلم الاهلي في المجتمعات واحدى ركائز المجتمع المدني. اضافة الى انها اصبحت احدى أسس الفكر السياسي الديمقراطي الحقيقي، في اي دولة تحترم مفاهيم حقوق الانسان وقيم الحرية والعدالة والمساواة وتعمل جاهدة للحد من انتشار ظاهرة العنف والتعصب والتطرف
 
اليوم ومع ظهور التيارات السياسية والدينية المتطرفة والايديولوجيات التي تختلف مع الاخر، نجدها تسعى الى الترويج للعنف وتحث على الكراهية من اجل تاجيج الصراعات العرقية والدينية والطائفية، الامر الذي يهدد السلم الأهلي في أي رقعة جغرافية. ومن اجل ذلك ازدادت الحاجة الى تكريس مفاهيم مضادة للتطرف وهي مفاهيم التسامح والتعايش من اجل مواجهة تلك التيارات والايدلوجيات المتطرفة. ولقد دفع العراق في فترة من الزمن ضريبة الترويج لمفاهيم التطرف والعنف الطائفي، وعدم الاعتراف بالآخر وظهور مفردة التكفير التي تبنتها مدارس فكرية متطرفة، وادرك حينها العراقيون حاجتهم لنشر وتكريس المفاهيم الانسانية للتصدي للمفاهيم الدخيلة على مجتمعنا المتعايش منذ قرون. ولا بد من الإشارة هنا الى ان الإعلام الوطني ومنظمات المجتمع المدني يلعبان دورا مهما في الترويج للمفاهيم الديمقراطية الحقيقية وتوعية المجتمع بأهمية تكريس مفاهيم التسامح والتعايش بعدّها احد أسباب نجاح التجارب الديمقراطية التي تقوم بتطبيق وتكريس هكذا مفاهيم في التعامل مع مواطنيها وفي العلاقة بينها وبين المجتمعات الأخرى.
ولقد غابت هذه المفاهيم عن المشهد العربي حيث لم يتم تطبيقها بسبب طبيعة الأنظمة الحاكمة وطبيعة الفكر السياسي والديني السائد والمسيطر على المشهد لفترة طويلة، الأمر الذي ساهم في تفشي العنف والتطرف ليس على مستوى المشهد العربي فقط، بل في جميع مجتمعات العالم حتى أمسى التسامح حاجة إنسانية دولية، واصبحنا في العراق امام ضرورة تطبيق وتكريس هذه المفاهيم على ان تسهم في تحقيق السلم الاهلي لجميع المكونات والاقليات، بما يخدم مصالحها جميعا وعدم العودة الى مربع الاقتتال الطائفي وخطر الحرب الاهلية الذي سعت بعض الاطراف الى تاجيجها في السنوات الماضية، عبر مسلسل القتل علي الهوية وتصفية اصحاب الراي الاخر وفي ظل غياب الوعي المجتمعي وغياب ثقافة حقوق الانسان.