فتوى الوطن

آراء 2021/06/12
...

 د. صادق كاظم 
 
في العاشر من حزيران من العام 2014 تعرضت البلاد الى اصعب واخطر ازمة في تاريخها المعاصر، حين استباحت عصابات همجية متخلفة عدة مناطق ومحافظات في مناطق شمال وغرب العراق، وتسبب الارتباك الامني والاخطاء التي قامت بها القيادات المسؤولة عن الامن في تلك المناطق في سقوطها، مما ادى الى فقدان السيطرة على الموقف الامني والستراتيجي للبلاد، ما ساهم في تمدد تلك العصابات الاجرامية وسيطرتها على تلك المناطق وارتكاب ابشع المجازر بحق 
ابنائها.
كان الموقف عصيبا وتسببت الاشاعات والتضخيم الاعلامي المعادي والمبالغ فيه والخلافات السياسية المتفاقمة، فضلا عن عدم توفر احتياطي كاف من القوات الامنية والعسكرية في عدم استعادة زمام الموقف من جديد، حيث كان الوضع الميداني عصيبا و بحاجة ملحة الى تغيير حاسم، فكانت الفتوى التاريخية لسماحة الامام السيستاني التي اهابت بابناء البلاد وشعبها لحمل السلاح دفاعا عن كل العراق، لغرض التصدي لعصابات داعش الاجرامية وتحرير مختلف مناطق العراق 
المحتلة. كان صدور الفتوى تحولا تاريخيا وستراتيجيا على المستويات التعبوية، حين اقبلت حشود المتطوعين وباعداد غفيرة ضمن تشكيلات الحشد الشعبي المجاهد، التي بادرت بعد اكتمال تشكيلاتها وصفوفها الى استلام قواطع العمليات والشروع بشن عمليات تعرضية مشتركة مع القوات المسلحة التي اوكلت اليها مهام الهجوم، أدت الى تثبيت خطوط القتال الميدانية وحدود السيطرة اولا، ومن ثم تم الشروع بشن هجمات مضادة في مختلف قواطع العمليات وبحسب اهميتها الستراتيجية والسوقية وبصفحات متعاقبة، فكانت عمليات تحرير امرلي التي كانت البداية، ثم تلتها ملحمة تحرير منطقة جرف النصر التي شهدت معارك شرسة وضارية، نظرا لطبيعة المنطقة وصعوبة اقتحامها من قبل قوات الحشد المهاجمة، فكان تحريرها مفتاحا لسقوط المعاقل الاخرى التي كانت تسيطر عليها تلك الفلول الاجرامية وافشالا لاحلامها بالسيطرة على العراق واستباحة ارضه وشعبه وتحطيم معنوياتها، فضلا عن ان هذه المعركة الفاصلة قد فتحت الطريق نحو تحرير مختلف المناطق في محافظتي الانبار وصلاح الدين، وصولا الى المعركة النهائية في الموصل والتي كانت ملحمة التحرير الكبرى التي انهت وجود  عصابات داعش فعليا على ارض 
العراق.
لقد غيرت تلك الفتوى مصير البلاد وحسمت وضعها الامني صوب الامان والاستقرار، فضلا عن نتائجها المباركة التي كان منها تشكيل الحشد الشعبي كقوة رديفة للقوات المسلحة،حيث خاض مقاتلوه الاشاوس اشرس المعارك واسهم هؤلاء المقاتلون في تغيير وقائع الميدان، حين جابهوا وبشجاعة بطولية الهجمات الشرسة لتلك اعصابات والحقوا بها افدح الهزائم، اضافة الى انجاز جميع المهام الميدانية التي اوكلت اليها وبسرعة قياسية.