يعقوب يوسف جبر
لو تمعنا في أسباب تحضر المجتمعات الراقية لوجدنا أن من أهم الأسباب هو التعلم الثقافي وقبول التعلم، بينما لو بحثنا في اسباب تخلف المجتمعات المتخلفة لوجدنا أن أهم سبب لتخلفها هو إهمال برامج التعلم واعتبار التعلم منقصة، حيث تسير هذه الشعوب على غير هدى من أمرها، فتدب الفوضى في اوصالها وتسود الأمية بين أفرادها، فيبرز مقياس الجهل وتنتشر التقاليد البالية، ويعلو صوت العنف فلا صوت يعلو عليه، وهذا ما نشاهده في بلدنا اليوم، حيث تنشب الصراعات القبلية بين الجماعات، ويستخدم بعض المواطنين السلاح للتعبير عن مناسبات الفرح والحزن أو التعبير عن القوة .
فماذا بقي اذن لهذا الشعب من حضور ثقافي فاعل بين شعوب العالم المتمدنة؟
كما أن ضمور وازع التعلم لدى البعض ولدى الرأي العام قد القى بظلاله على الواقع السياسي، فالمشروع السياسي الديمقراطي في عراق مابعد 2003 شهد أزمات متعددة، لأنه لم يتعزز ببرامج التعلم، على الصعد والمجالات كافة، فبرزت الانتكاسات في مجالات شتى، ففي مجال إدارة الوزارات والمؤسسات تقلد المناصب بعض الأشخاص ممن لاخبرة لديهم أو مؤهلات دراسية، باستثناء آخرين ممن نجحوا في مجال عملهم الوظيفي الوزاري أو المؤسساتي.
وفي مجال القطاع العام انخفض مستوى المواطنين المنتجين، فلمسنا بروز مواطنين غير منتجين وهذا ما جسده بعض موظفي الوظيفة العامة ممن لم يضيفوا للناتج القومي اية إنجازات، فيجوز لنا أن نطلق على هذه الظاهرة {البطالة المقنعة}، وفي مجال التعلم المهني شهد البلد تراجعا كبيرا، وفي مجال التعليم الأكاديمي ثمة انتكاسة بارزة، وفي مجال تطبيق القوانين بما فيها تطبيق القانون الأساسي {الدستور} هنالك تخبط واضح، وبسبب تراجع مستوى التعلم والتعليم شهدت مشاريع الاعمار والبناء والاستثمار تخلفا بينا.
لكن ومع هذا الكم الهائل من الأزمات هل ثمة امل بالتغيير وخلق واقع جديد؟ نعم يبقى الأمل هو الدافع لخلق فرص التعلم وتوسعة نطاق المتعلمين ورفد الجيل الجديد بمزيد من برامج التعلم الثقافية، تلك التي ترتقي بمستواه إلى مصاف الإنسان المتحضر .