قائد

الرياضة 2021/06/17
...

د.عاصفة موسى
 
في ظلِّ الكم الكبير من المسؤولين الذين يتبوؤون مختلف المناصب والمواقع، كم من هؤلاء من يصلح أن نطلق عليه صفة القائد؟ باعتقادي أنَّ الجو العام الذي نعيشه وطغيان الفساد والجري وراء المال، والاعتقاد بانَّ المنصب جالب للجاه والثروة، تسبب باللهاث وراءه والحصول عليه باي طريقة، متجاوزين الشروط والقيود، سواء بالمال او بالانتماءات، كل هذا ساعد على وصول اشخاص يحملون صفة المدير ويفتقدون لصفة القائد وهو الاهم.
وقد يرى البعض أنَّ الإداري الناجح كاف لتحقيق الاهداف، وهو ليس بالخطأ لكن كلما كان الاداري قائدا فانه سيحقق نتائج أكثر تميزا ويجعل العاملين يشعرون بالرضا والتقدير، ويكونون أكثر عطاء واستعدادا للتطوير الذاتي، كما ليس كل اداري قادرا على أنْ يكون قائدا، فالقائد يتطلب الشخصية القوية والكاريزما والذكاء وسرعة البديهية والتواصل الجيد مع الغير والنشاط الدائم والثقة بالنفس والتواضع ويراعي الجانب الانساني ويمتلك حس الدعابة التي من خلالها يخلق جوا محببا للعمل مساعدا على حل الكثير من المشكلات.
وفي الرياضة يبرز قائد (كابتن) الفريق كمحور اساسي للفريق، وعادة يتم اختياره حسب الاقدمية، ولكن في كل الاحوال كابتن الفريق يجب أنْ يتمتع بالشخصية القوية والهدوء العالي والرزانة لا يتهور، لأنه قدوة للآخرين، ويكون قادرا على استيعاب اللاعبين مع التمتع بروح رياضية عالية أكثر من زملائه، والاهم يحسن التصرف ازاء المواقف التي تواجهه.
وقد ضرب كابتن منتخب الدنمارك سيمون كايير نموذجا حقيقيا للقائد الذكي والشجاع داخل الملعب عندما سقط فجأة زميله في المنتخب كريستيان ايركسن مغشيا عليه، في مباراته مع فنلندا، حيث هرع سيمون اليه محاولا ألا يبلع لسانه الذي قد يؤدي به إلى الوفاة، وقام بتعديل وضعيته وظل معه حتى بعد وصول المسعفين، ووجه اللاعبين بعمل جدار للحفاظ على خصوصية اللاعب وعدم تصويره وفي الوقت نفسه اسرع إلى زوجته محاولا تهدئتها وطمأنتها، وقد اثار تصرفه هذا اعجاب الجمهور والمتابعين في مواقع التواصل الاجتماعي في كل انحاء العالم واشادوا بشجاعته وحسن تصرفه، لقد تصرف كقائد حقيقي لم يستعرض عضلاته، ولم يفقد اعصابه بل كان هادئا محافظا على رباطة جأشه، وساعد في بقاء اللاعبين هادئين واكملوا المباراة. لقد جسّد القيادة فعلا وفي اجمل صورها.