قصة مارلين مونرو

ثقافة 2021/06/22
...

ابتهال بليبل

(الحقيقة الخالصة في هوليوود هي أنه عندما كنت أرفض العروض، كان ثمني يرتفع سريعاً... أنا كنت شابة، شقراء، مثيرة، تعلمت أنْ أتحدث بصوت مبحوح مثل مارلينا ديترش، وأنْ أمشي مشية بهيئة خليعة بعض الشيء، وأنْ أستحضر مشاعرَ في عيني حينما أريد. ورغم هذا، تلك الإنجازات التي لم تجلب لي عملاً، قد جلبت الكثير من الذئاب الذين يطلقون الصفارات في عقبي. لم يكونوا ذئاباً صغيرة لديها مؤامرات كبيرة، وملابس مهترئة من جراء الصراعات فحسب. لقد كانوا يوقعون شيكات حقيقيَّة وغير زائفة أيضاً. كنت أركب معهم سياراتهم، وأجلس معهم في المقاهي الأنيقة، حيث كنت آكل فيها كما يأكل الفرس كي أعوض أسبوعاً من وجبات الدغستور الهزيلة. كنت أذهب معهم إلى بيوت فخمة، وأقبع بقربهم). المقطع السابق من كتاب (مارلين مونرو وبن هكت – قصتي مارلين مونرو) ترجمة وتقديم باسم محمود، تتحدث فيه عن حياتها وكيف كان يتم استغلالها من أجل جمالها، أي قبل دخولها لعالم الأضواء والشهرة، إذ قليلون من كانوا يعجبهم تمثيلها الفني أو يهتمون بمشاعرها الشخصية.. فدورها الوحيد كان هو الإغواء الجنسي.
حقيقة، من الصعب عليّ ألاّ أتساءل: هل يمكن أنْ تكون مارلين مونرو نّسوية؟ كما ادعت نّسويات من الموجتين الأولى والثالثة (في أنها واحدة منهن) على الرغم من أنَّ أيقونة مونرو هي أكثر الايقونات الجنسية شهرة في العالم.  لكنني حتما - كما غيري - أفهم لماذا يتم افتراض ذلك.. فأكثر ما تمسك به النّسويات –هنا- ليس في تعميم الصراع بين جسد الأنثى وتمكين ذاتها (لأنَّ جسد مونرو ما هو إلاّ مثال كلاسيكي مدعوم بصنمية الأنثى) بل في ربطها بما كانت تتحدث مونرو عنه طيلة حياتها وتصرخ به من اعتداء جنسي وإيذاء وعلاقات مسيئة.. تلك الأحاديث التي تشترك فيها غالبية النساء ويتعين عليهن مواجهتها دائماً. من هنا تخرج قصة حياة مارلين مونرو إلى الأرشيف النسوي العام، حيث الخطابات المهتمة بـ (فتشية الأنثى) وتفكك ذاتها ومعاملتها كدمية وكذلك التمييز الجنسي.. فجاء جسد مونرو وجاءت جاذبيتها الجنسية متماهية مع هذه الخطابات، بينما أهملت موهبتها أو شخصيتها أو نجوميتها ولم يذكر منها إلا القليل الذي لم يكن يوماً بحجم شهرتها ككائن جنسي.
ولكن – مع ذلك- تبقى الحقيقة في أنَّ الخطابات النسويَّة، التي تحوم حول قصة حياة مونرو حصراً، تشكّل تحذيراً من أنَّ ما حدث في حياتها من تجارب قاسية قد يحدث لكثيرات غيرها من النساء اللواتي ينظرن لجمال الجسد والإغواء الجنسي في أنه الوسيلة الوحيدة والمهمة في التمكين. إلا أنَّ محاولات التفكير في أنَّ مونرو هي نسوية تبدو غير مقنعة بعض الشيء وتتنكّر لخياراتها في أسلوب حياتها لسبب بسيط هو أنها كانت دوماً عبر المقابلات التلفازية والاقتباسات المأخوذة عن أحاديثها تبدي سعادتها بوصفها رمزاً جنسياً. إذ استعملته كوسيلة مهمة لتمكين نفسها في أضواء الشهرة والنجوميَّة. وها أنا ذا بالرغم من كل ذلك أحاول الإمساك بالأحداث والتجارب التي شكّلت شخصية مارلين مونرو وشبيهاتها من جهة، وفكرة (أنها واحدة من النسويات) من جهة أخرى.