افغانستان.. تحذيران ومخاوف

قضايا عربية ودولية 2021/06/27
...

محمد صالح صدقيان 
 
الاخبار الواردة من افغانستان مقلقة من جانب ومهمة من جانب اخر لارتباطها بالجانب الاميركي الذي يحاول تسوية العديد من الملفات في منطقة الشرق الاوسط التي تسبح في مستنقعات امنية ورمال متحركة منذ سنوات. ما اقدمت عليه الولايات المتحدة من الدخول في مباحثات مع حركة الطالبات التي كانت في يوم مصنفة على قائمتها الارهابية توصلت معها الى اتفاق في الدوحة تنسحب على اثره القوات الاميركية من افغانستان مقابل مشاركة الحركة في العملية السياسية الافغانية. الحكومة الاميركية قالت انها تريد سحب 50 بالمئة من قواتها على ان تستكمل عملية الانسحاب عشية ذكرى حادثة 11أيلول/ سبتمبر. لكن السؤال هل الاتفاق حصل على ان تقوم عناصر حركة الطالبان بالاستيلاء على المدن وطرد القوات الافغانية من هذه المدن؟ ام انها تدخل لاعبا سياسيا في العملية السياسية وفق الخيارات السلمية؟ المصادر الاميركية تتوقع انهيار الوضع السياسي وسقوط الحكومة بفترة لاتزيد على ستة اشهر. امر لايمكن ان يلقى رضا المشاركين في العملية السياسية مما دعا الرئيس الافغاني اشرف غني ونائبه عبد الله عبد الله  الى شد الرحال للعاصمة الاميركية لمعرفة حقيقة مايجري؟ وماذا تريد الولايات المتحدة من انسحابها من افغانستان. 
مساران مهمان في التطورات الافغانية التي لاتغيب نتائجها عن مجمل التطورات الاقليمية. المسار الداخلي الذي يرتبط بالامن والاستقرار وما تحمله من مخاطر عودة الحرب الاهلية في بلد لم يشهد الاستقرار منذ اربعة عقود من الازمات والحروب والقتال والتدخل الاجنبي. والمسار الاخر هو المسار الخارجي الذي يتعلق بدول المنطقة والدروس المستوحاة من هذه التطورات لان التواجد الاميركي في المنطقة لايقتصر على افغانستان وانما هو في عديد الدول. الدول المجاورة لافغانستان مهتمة بما يحدث لجارتهم حيث تسعى الهند وباكستان وروسيا والصين وايران الى العمل لعدم وقوع حرب في افغانستان وظهور كوارث جديدة لان التطورات السابقة كانت مكلفة لهذه الدول إن على صعيد الازمات الانسانية او تداعياتها الامنية والسياسية وبالتالي فان هذه الدول تحاول العمل مع جميع الجهات الافغانية لاستخدام الخيارات السياسية من اجل تعزيز الامن والاستقرار السياسي والامني بدلا من الاتجاه نحو كوارث انسانية جديدة لاتخدم مصالح الشعب الافغاني . 
وعلى الرغم من ندرة المعلومات بشان اسباب سحب الولايات المتحدة منظومة صواريخ الباتريوت من منطقة الشرق الاوسط وفيما اذا كان لها ارتباط بالانسحاب من افغانستان او اعادة انتشار القوات الاميركية ؛ لكنها تلقي بظلالها على مجمل التطورات في منطقة الشرق الاوسط حيث تترقب المنطقة نتائج مباحثات فيينا النووية والجهود الرامية لانهاء حرب اليمن ومآلات السياسة التي تريد الولايات المتحدة انتهاجها في هذه المنطقة في عهد الرئيس الاميركي جو بايدن . 
ان حركة الطالبان هي المستفيد الاكبر من الانسحاب الاميركي «غير المسؤول» من افغانستان. الخشية ان تتم صفقات اخرى مع حركات مصنفة ارهابيا على القائمة الاميركية وان تتجه المنطقة للمزيد من عدم الاستقرار من دون اخذ مصالح شعوب المنطقة بنظر الاعتبار.