مَنصّة العزاوي لإطلاق النجوم!

الرياضة 2021/06/29
...


خمسة عقود من الزمن، تزيد أو تنقص قليلا ، أمضاها داود العزاوي في مجال التدريب الكروي ، حرص على أن يكرّسها للبحث عن المواهب وتبنـّي الواعد منها ومن ثم إطلاقها في أرجاء النجاح ، وهو بهذا المعنى نموذج نادر عرف بحرصه على أن يتمسك بهذا المنهج حتى بعد نجاحاته السبعينية المعروفة مع منتخبنا المدرسي أو مع شباب الزوراء ومحاولة استمالته من أندية معروفة عديدة كي يقودها في الدوري العراقي!  .
كنت دائم الحرص على سؤال العزاوي: لماذا لم تنقل تجربتك للعمل مع الكبار إلا حين ضاقت بك السبل واحترفت في الأردن والبحرين؟! وكان يقول إن عمله المبكر مع فرق المدارس في بطولات التربية يعطي ثمارا أنضج وينتج نجاحا له صلاحية عمرية مديدة ، فمن الأحرى به أن يبحث عن لاعب واعد في مقتبل عمره ويأخذ به إلى الأضواء بدل العمل مع لاعب متقدم في العمر وقد اكتملت لديه محاسنه ومثالبه! .
إن استطاعت ذاكرتنا استعادة مجد الماضي، فإنها لن تنسى ولا شك أن المنتخب المدرسي الذي قاده داود العزاوي إلى ذهبية العرب في بيروت عام 1973 كان هو النواة الأولى الحقيقية التي اعتمد عليها العراق لاحقا في بناء المنتخب الشبابي الذي أحرز كأس آسيا عام 1975 في الكويت.. كوكبة من الأسماء اللامعة أطلقتها (منصة) العزاوي: رعد حمودي، ضرغام الحيدري، عادل يوسف، نزار أشرف، علي حسين محمود، يحيى علوان، عبد الإله عبد الواحد وشاكر علي وغيرهم.. ثم كانت تلك النواة قد نضجت حين حصل العراق على ذهبية الدورة المدرسية العربية في الإسكندرية – مصر في آب 1975 ، فكانت الإضافة ممثلة بلاعبين آخرين أمثال حسين سعيد ، إبراهيم علي ، سليم ملاخ ، واثق أسود ، طالب محسن ، سعدي توما وميض خضر ، بجانب مَنْ تكرر من وجوه إنجاز بيروت 1973 ، أعني تحديدا رعد حمودي ، نزار أشرف ، شاكر علي ويحيى علوان وغيرهم.  
كنت استعين بالذاكرة واستعيد ما استطعت من تلك الأسماء، بينما كانت العشرات من المواهب تتحرك وتلعب وتتألق في يومها السنوي خلال مهرجان مركز الموهبة الأخير قبل ثلاثة أيام.  
كنت أقول إن الرجل الذي أفنى عمره مع المواهب في الفرق المدرسية والفئات العمرية يزرع لنا ما يمكن أن نعده جَـنيا صالحا في الغد، وهذا هو الموضع الصحيح الذي يستحق بل ينبغي أن يكون فيه.. لقد أسقطوا اسمه عمدا لا سهوا من حسابات الكثير من المؤسسات الحكومية والرياضية وعانى كما عانت كفاءات كروية ورياضية ما أحرانا أن نتمسك بها ونضعها في المكان الذي تستحق، لكنني حين شاهدته السبت الماضي بكامل حضوره اللياقي والذهني والفني، أدركت أن هذا الرجل قادر على أن يمنح مواهبنا المزيد من خبرته التي لم تكن يوما موضع الشك أو الجدل!  .
مركز الموهبة، بمهرجانه الرائع الأخير، كان مناسبة كبرى حملت بعضا من الحلول لكل هذا التردّي في مستوى النجومية الكروية العراقية.. فالعودة إلى المنابع والجذور والقواعد منهج يجب أن نتبنـّاه، لا سيما إذا كانت لدى (العزاوي) مثل هذه المنصّة التي يطلق بها نجوم الغد في الأرجاء!  .