لبنان ساحة لتقاطع الإرادات الدولية

الرياضة 2021/07/11
...

 بيروت : جبار عودة الخطاط 
 
يبدو لبنان بمساحته الصغيرة التي لا تتجاوز الـ 10,452 كم² معتركاً ساخناً، تدور فوق أرضه صراعات لقوى دولية، أقليمية وكبرى، سواء كان ذلك بشكل مباشر أو عبر ساسة لبنانيين، وتخضع الأزمة اللبنانية عموماً، والحكومية بشكل خاص لعمليات شد وجذب كبيرين لهذه القوى، ولم تكن مسألة اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري بدعاً عن هذا الاتجاه. 
لهذا يرى المراقبون أن ثمة تضارباً كبيراً في المؤشرات التي تتصل بنيّة اعتذار الحريري فبالرغم من إن الأخير شارف على إشهار راية اعتذاره؛ بعد أن لمس أن الكثير من العوامل الخارجية والداخلية قد تضافرت لتضع حداً لماراثون تكليفه بتشكيل الحكومة، إلاّ انه يبدو قد تلقف ما يشبه طوق النجاة من الخارجية الروسية أمس الأول الجمعة إثر اتصال مهم ورده من الممثل الخاص لرئيس روسيا الاتحادية في الشرق الأوسط وبلدان أفريقيا، أكدت فيه روسيا دعمها للإسراع بتشكيل حكومة الحريري.
ووفقاً لبيان صادر عن وزارة الخارجية الروسية في 9 تموز الحالي، نقله المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في بيان له أمس السبت: "جرى اتصال هاتفي بين الممثل الخاص لرئيس روسيا الاتحادية في الشرق الأوسط وبلدان أفريقيا نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف والحريري. وعرض الحريري أثناء المكالمة وجهة نظره وتقييمه ورأيه في ما يتعلق بتطور الأحداث الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في لبنان، والذاهبة في اتجاه المزيد من التعقيد والصعوبات"، ولفت البيان الى أن "الجانب الروسي أكد ضرورة دعم جميع الجهود في سبيل الإسراع في تشكيل لبنان حكومة مهمة قادرة، من التكنوقراط، برئاسة الحريري".
يأتي هذا الاتصال اللافت في توقيته بعد تحرك غير مسبوق وغير معهود في الأعراف الدبلوماسية من قبل السفيرتين الأميركية والفرنسية لدى بيروت والذي تمثل في سفرهما للرياض وإعلانهما ببيانات رسمية أن هدف الزيارة البحث عن حلول للأزمة اللبنانية مع الرياض وسط دهشة وترقب من ساسة لبنان الذين عرفوا بالزيارة من الإعلام وباتوا يتساءلون في صالوناتهم الخاصة عن مغزى الزيارة والملفات التي بحثت فيها.
وكانت سفارتا الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا في لبنان قد أشارتا أمس السبت الى أن "هذه الزيارة تأتي عقب الاجتماعات الثلاثية لكل من وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن ووزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان ووزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود التي عقدت في 29 حزيران الماضي"، والمثير للإنتباه أن زيارة السفيرتين للرياض جاءت بعد 12 ساعة فقط من زيارة وزير الخارجية القطري  الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى بيروت ولقائه بعيداً عن الإعلام بالرئيس المكلف سعد الحريري، ويشير المراقبون إلى أن الحريري يبدو كمن "فرمل" توجهه للاعتذار في أعقاب زيارة المسؤول القطري وبعد الاتصال الروسي الذي منحه دفقاً معنوياً يضاف إلى سعي رئيس مجلس النواب نبيه بري بالطلب منه التريث في إعلان قرار اعتذاره حالياً.
وكان للتقرير اللافت الذي أصدرته لجنة الدفاع والقوات المسلّحة في البرلمان الفرنسي الذي صدر مساء الخميس الماضي، والذي وردت فيه توصية بإرسال قوات دولية الى لبنان بشكل طارئ تحت سلطة الأمم المتحدة والبنك الدولي، نصيبفي هذه القراءة المعقدة، وربط مراقبون بين هذه التوصية و تقرير نشرته جريدة "الأخبار" اللبنانية المقربة من حزب الله يوم 4 من الشهر الجاري مفاده أن "الفرنسيين يروّجون في كواليس لقاءاتهم مع بعثات دبلوماسية لدول أخرى لدى الاتحاد الأوروبي لفكرة (عودة) الانتداب على لبنان".
وعلمت "الصباح" أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيبحثون في اجتماعهم غداً الإثنين الأزمة اللبنانية وربما يستمعون لتقرير فرنسي عنها.