باعتذار الحريري.. بيروت في مواجهة الفوضى والمجهول

الرياضة 2021/07/17
...

 بيروت: جبار عودة الخطاط 
 
وأخيراً أعلن الرئيس المكلف سعد الحريري اعتذاره عن إكمال مهمته بتشكيل الحكومة بعد تسعة أشهر من الصراعات السياسية العاصفة والسجالات النارية العقيمة وبعد أن تمترس ساسة لبنان خلف أكياس الرمل الطائفية والحزبية، بينما الشعب يختنق في عنق الزجاجة الاقتصادية والاجتماعية. 
وعلمت «الصباح» أن الرئيس اللبناني ميشيل عون سيدعو إلى استشارات نيابية ملزمة لتسمية خليفة الحريري بشكل عاجل وإنه ربما سيحدد يوم الاثنين المقبل موعداً لذلك، أو قد يتم إرجاء ذلك إلى ما بعد عطلة عيد الأضحى ليتسنى منح المجال لمزيد من الاتصالات لإنضاج المشاورات حيال شخصية رئيس الحكومة المكلف الجديد والذي يتم تداول اسم رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي في الصالونات الإعلامية ليكون هو الخيار الذي ربما يحصل التوافق عليه. 
ورأى زعيم تيار المستقبل أن التسوية السياسية التي أبرمها مع الرئيس ميشيل عون قد كلفته جماهيرياً وسياسياً وهو يسعى بخطوته هذه إلى التخلص من هذا العبء ودخول الانتخابات بعيداً عن (مزالق المسؤولية) في ظل انحدار البلاد لأسوأ أزمة اقتصادية ومعيشية يعيشها لبنان في عصره الحديث والتي كان من الممكن أن (يتحملها الحريري) وتترتب عليها أثمان انتخابية في الوقت الذي أغلق فيه «قصر اليمامة» في الرياض أبوابه في وجه الحريري، هذه الخطوة أجلها زعيم تيار المستقبل مراراً وكان يطمح من خلال جولات قام بها إلى عواصم غربية وإقليمية إلى تذليل العقبات أمامه في علاقته المقطوعة مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان غير ان كل جهوده ذهبت سدى ووصل إلى ما أسماه في بيانه قبل يومين إلى (لحظة الحقيقة).
وفور اعتذار الحريري شهد لبنان حراكاً احتجاجياً ناقماً وقامت مجاميع من الشباب بقطع الطرق في مناطق عديدة من البلاد، بينما قامت مجاميع أخرى بالتوجه إلى وسط بيروت لإغلاق بعض المطاعم بين منطقتي الروشة والحمرا والتظاهر في الساحات وما زالت الاحتجاجات مستمرة أمس الجمعة في بعض المناطق اللبنانية احتجاجاً على التردي الكبير في الأحوال المعيشية والارتفاع الخيالي في سعر صرف الدولار الذي سجل أرقاماً قياسية غير مسبوقة حيث لامس عتبة الـ23 ألف ليرة للدولار الواحد.
وعمدت الكثير من المتاجر والحوانيت التجارية إلى إغلاق أبوابها، وأفادت وكالة «إسوشييتد برس» بأنه من المرجح ان يُغرق اعتذار سعد الحريري ‎لبنان في المزيد من الفوضى وعدم اليقين حيث يمر لبنان بأزمة اقتصادية غير مسبوقة وصفها البنك الدولي بأنها إحدى اسوأ الأزمات في العالم منذ 150 عاماً.
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عدَّ إعتذار الحريري تطوراً مخيّباً للآمال بقوله: إنّ «اعتذار سعد الحريري عن تشكيل حكومة في لبنان بعد تسعة أشهر من تكليفه بهذه المهمة يمثّل خيبة أمل جديدة للشعب اللبناني الغارق في أزمة سياسية واقتصادية خانقة»، وقال بلينكن أمس الجمعة إنه من «الأهمية بمكان أن يتم تشكيل حكومة ملتزمة وقادرة على تنفيذ الإصلاحات ذات الأولوية بصورة فورية»، في غضون ذلك أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، عن «خيبة الأمل الكبيرة إزاء قرار الرئيس سعد الحريري، الاعتذار عن تشكيل الحكومة»، مؤكداً ان» تبعات اعتذار الحريري قد تكون خطيرة على مستقبل الوضع في لبنان»، بينما  طالب ​وزير الخارجية​ الفرنسية ​جان إيف لودريان، بسرعة إطلاق مشاورات برلمانية فوراً لاختيار رئيس وزراء جديد، وأعلن لودريان انه «سيتم تنظيم ​مؤتمر​ دولي لدعم الشعب اللبناني في 4 آب»، مؤكداً «الحاجة الملحة للخروج من حالة العرقلة المنظمة وغير المقبولة في لبنان». 
وكان سعد الحريري قد أعلن اعتذاره بعد لقائه مساء أمس الأول الخميس الرئيس اللبناني ميشيل عون بقوله: «التقيت الرئيس عون وأجرينا مشاوراتنا في الموضوع الحكومي. ومن ضمن الكلام، كانت هناك تعديلات يطلبها الرئيس، اعتبرتها جوهرية»، وتابع «الواضح أن الموقف لم يتغير في هذا الموضوع، والواضح أننا لن نتمكن من الاتفاق مع فخامة الرئيس. فقدمت اعتذاري عن تشكيل الحكومة»، أما قصر بعبدا فأصدر من جانبه بياناً مقتضباً جاء فيه ان «الرئيس المكلف الحريري لم يكن مستعداً للبحث في أي تعديل من أي نوع كان، ورفض الحريري لمبدأ الاتفاق مع رئيس الجمهورية يدل على انه اتخذ قراراً مسبقاً بالاعتذار، عليه فأن رئيس الجمهورية سيحدد موعداً للاستشارات النيابية الملزمة بأسرع وقت ممكن».