يجعلهم في طليعة الأمم.. الاهتمام بطاقات وقدرات أولادنا

اسرة ومجتمع 2021/07/25
...

 لمياء نعمان 
 
لا يعرف أولادنا وشبابنا الصغار كيف يقضون أوقاتهم، فوجدوا لعبة البوبجي والنركيلة والمولات وصفحات وسائل التواصل الاجتماعي ملجأ لأفكارهم وتكهناتهم، فلا كتاب يقرأ ولا نشاطات ذهنيَّة ولا عمل نافعاً ينتفعون منه لغرض تنمية عقولهم وأفكارهم.
قبل عقودٍ من الزمن لم تكن تتوافر هذه الوسائل الترفيهيَّة، بل بالعكس كان شبابنا الصغار شعلة من النشاط يعملون بجدٍ لغرض توفير لقمة العيش للأسرة، والبعض الآخر يتفرغ للتحصيل الدراسي والحصول على الشهادة والعمل، ومع انعدام الترفيه واللهو من حياتهم إلا أنهم كانوا رجالاً صنعوا الحياة للبلد، قاموا بتنفيذ أفكارهم التي تحولت الى واقعٍ نشهده في حياتنا.
بوادر ذكيَّة ومعرفيَّة أنتجتها عقول صغارنا وشبابنا في المدارس وفي الحياة العامة ويشهد لأولادنا احترام عقولهم وشهاداتهم في الخارج، ويتم استقبالهم في أفضل جامعات العالم وفي تخصصات مميزة جداً (الطب والعلوم والذرة والتكنولوجيا وغيرها)، وحتى بعد انتهاء إقامتهم وحصولهم على شهادة الدكتوراه تعرض عليهم الدول التي درسوا فيها مغريات لغرض العمل والاستفادة من خبراتهم العلميَّة وقدراتهم وعلومهم في المستشفيات والمختبرات والمصانع ومجال التجارة وعادة ما يفضلون الرجوع للوطن لأجل النهوض بالمستوى العلمي والطبي للمجتمع العراقي، وهذا ما ساعدنا على التقدم والازدهار في مجمل حياتنا.
مدارسنا كانت في كل عام تقيم مهرجانات ومعارض لعرض نتاجات الطلبة والطالبات من وسائل تعليميَّة ومختبريَّة وصناعات يدويَّة ومحليَّة ورسوم وفعاليات عديدة ويتم تكريم المتفوقين والمميزين، الآن تقتصر تلك المهرجانات فقط على أنشطة فنيَّة وأدبيَّة ومسرحيَّة، ولا وجود لوسائل تعليميَّة ولا مختبرات مهمة ولا مهرجانات رياضية لإبراز النشاطات الجسديَّة للطلبة والطالبات، لا اهتمام ولا تميز للعقول والذكاء والمهارات والأنشطة التي تدفع أطفالنا الى الحماس والتميز وحب التعليم.
وعبر سنوات أهمِلتْ جوانب الأنشطة الفكريَّة والبرامج التي تحث الطلبة على التنافس والمعرفة, ولا توجد جهات تربويَّة أو حتى من وزارة الشباب أو حتى منتديات وجمعيات ونوادٍ تهتم بالطاقات الشبابيَّة الصغيرة وتأخذ بأيديها للتميز والتفوق والاختراع والإبداع.
ربما يتذكر البعض برنامج «العلم للجميع» كان يقدمه كامل الدباغ وعلى مدى سنوات طوال كان يستضيف المتميزين والأذكياء والمبتكرين والمخترعين وأصحاب العقول النيرة في مجال الرياضيات والعلوم والتكنولوجيا والفيزياء.
ومن خلال البرنامج تم استحداث مديريَّة لرعاية الشباب وقدراتهم, الغرض منها الاهتمام بالطاقات وتنشيط قدراتهم الخلاقة وتحفيزهم ودعمهم وإتاحة الفرص للابتكار والتميز وإبراز ما لديهم من أفكار حتى يتقدموا بمعرفتهم وعلومهم, وبالتأكيد أصبح هؤلاء أساتذة ودكاترة وأصحاب عقول تجاريَّة وعلميَّة نفعت بلدنا, بعضهم هاجر للغرب لقلة الفرص المتاحة في البلد واشتغلوا في مؤسسات وأمكنة حساسة طبيَّة وعلميَّة وصناعية وغيرها من مجالات الحياة.
وزارة التربية ووزارة الشباب نسيتا دورهما ومهمتهما في إعداد وتهيئة الشباب لتحفيز ما لديهم من طاقة وقدرات وجهود وأفكار للتقدم في مجال الدراسة والعلم والعمل والرياضة وبقية الأنشطة الإنسانيَّة والعلميَّة والفكريَّة لغرض ظهور قدرات استثنائيَّة نفتخر بها الآن وفي المستقبل.
في أيام التسعينيات وأيام الحصار انكفأ الشباب العامل في إيجاد صناعات وبدائل محلية للمستورد جعلنا نفتخر بتلك العقول التي أوجدت كثيراً من المنتوجات التي لا داعي لاستيرادها، وكنا نعلم أنَّ هناك عقولاً لو أتيح لها تصنيع كل ما يمكن تصنيعه كما كانت تفعل مصانعنا ومعاملنا في السابق، لكان العراق الآن لا يحتاج للاستيراد ويكتفي ذاتياً بصناعاته الوطنيَّة ولصار لدينا رعيلٌ من العلماء والمفكرين نضاهي بهم دول العالم، لذا علينا تشجيع صغارنا ولا نهمل عقولهم وقدراتهم فهم الذين سيدفعون البلد للتقدم والازدهار لمجتمعنا وبلدنا.