أثر الخلافات الزوجيَّة

اسرة ومجتمع 2021/07/25
...

 القاضي كاظم عبد جاسم الزيدي

الأصل في العلاقة الزوجيَّة أنَّها مبنية على المودة والرحمة والألفة والانسجام وإنَّ الأسرة عاملٌ مهمٌ في حياة الفرد لأنها تحميه من الأنماط السلوكيَّة والطباع المنحرفة متى ما كانت أسرة صالحة واعية لمسؤولياتها تجاه أبنائها، وقد تكون على خلاف ذلك عندما تدفع بالطفل الى انحراف في السلوك، وذلك عندما تكون متفككة ومضطربة لا تسودها العلاقات الحميمة ولا يوجد حرصٌ ولا مسؤوليَّة عند الأب أو الأم، فالطفل في محطته الأسريَّة هذه يكون على مفترق طرق الى طريق الخير عندما يجد البيئة الصالحة والى طريق الشر متى وجد البيئة الفاسدة.. ولكنْ عندما تسود العلاقات داخل الأسرة بالاضطراب والخلل وسوء التفاهم بين الأب والأم فإنَّ ذلك سوف يلقي بظلاله على شخصيَّة الأولاد، فتصبح الأسرة من كونها حضناً دافئاً وأميناً يلبي ويشبع حاجات الطفل أو الحدث، الى بؤرة توتر وموضع للخلافات والتناحر يلقي بآثاره السلبيَّة على جميع أفراد الأسرة وبشكلٍ مباشرٍ.
إنْ تحقق مثل هذه الحالة فسوف تؤدي الى فقدان الرعاية الكاملة من قبل الأبوين وتكون الخلافات والمشكلات موطئاً لكل الانحرافات القادمة في سلوكيات الأفراد وإنَّ العلاقة المتأزمة وكثرة التخاصم والخلافات الأسريَّة سوف تمنع التنمية الصحيحة الطبيعيَّة لشخصيَّة الحدث.
لقد أثبتت الدراسات الاجتماعيَّة والقانونيَّة أنَّ أكثر من 70 بالمئة الى 90 بالمئة من الأحداث الجانحين قد أتوا من بيوت شابها التناقض وعدم الانسجام والاضطراب بين علاقات أفرادها والتفكك الأسري نتيجة انتهاء الحياة الزوجيَّة بالطلاق وتؤدي الى انهيار الأسرة وينعكس ذلك سلبياً على الأولاد فيكونوا بعيدين عن العيش المشترك مع الوالدين وفي أجواء غير طبيعية، إذ إنَّ معظم الأحداث الذين جنحوا عن جادة الطريق يتبين من خلال البحوث الاجتماعيَّة الجارية عليهم وبنسبة عالية من أسر أصابها التفكك لانفصال والديهم، وهذا يعني أنَّ الطلاق له تأثير كبير في شخصيَّة الحدث وتحديد سلوكه وتصرفاته في المستقبل القريب؛ لأنَّ الطلاق يعني فقدان رعاية أحد الأبوين أو كليهما، فضلاً عن ذلك فإنَّ ظاهرة الطلاق لها آثار نفسيَّة على الأحداث ممن شعروا بضياعٍ لفقدانهم الرعاية الأسريَّة.