محمد صالح صدقيان
ليست هذه المرَّة الأولی التي يحتج فيها المواطنون في محافظة خوزستان الإيرانية ذات الغالبية العربية علی السياسة المائية في منطقتهم؛ لكنها المرة الاولی التي سمعت ايران باكملها معاناة محافظة ترقد علی بحيرة من النفط ومن حولها المياه العذبة لكن 700 مدينة وقرية في المحافظة تفتقد لمياه الشرب والسقي في ظل درجات حرارة تجاوزت الخمسين درجة. اسباب متعددة تقف وراء هذه الظاهرة التي اعطت المواطنين الحق في الاحتجاج من اجل تحسين الاوضاع الخدمية السيئة التي تمر بها المحافظة وهي بطبيعة الحال ليست وليدة الساعة ولاتخص حكومة دون غيرها . صيحة الخوزستانيين هذه المرة وصلت بوضوح للعاصمة طهران ولأصحاب القرار الذين اعترفوا بسوء ادارة واهمال اصابا هذه المحافظة علی الرغم من تاكيد القيادة الايرانية ضرورة وضع البرامج الكفيلة بانجاز مشاريع المياه والمجاري واعادة صياغة نظم الخدمات المتهالكة للمواطنين.يجب علينا ألانستبعد دور المقاطعة الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة علی ايران والتي اثرت في الكثير من المشاريع والخطط التنموية في جميع المحافظات الايرانية لكن يبدو أنَّ محافظة خوزستان كانت لها حصة الاسد من هذه العقوبات، عقوبات اميركية واخری حكومية وثالثة نابعة من اهاليها!. العقوبات الاميركية اثرت في مفاصل مهمة من مفاصل الحياة العامة وحرمت المواطنين من ايرادات النفط وبالتالي انعكست هذه الحالة علی جميع القطاعات المالية والخدمية .الحكومة تقول-وهو حق يراد به باطل- بعدم وجود تخصيصات مالية وبذلك تم ايقاف جميع المشاريع في البلاد بسبب نقص الموارد المالية بما في ذلك مشاريع المياه في خوزستان. اما اهالي المحافظة فـأعتقد انهم يتحملون قسطا كبيرا من الوضع الذي تشهده المحافظة التي تملك 18 مندوبا منتخبا في البرلمان الايراني ومجلس خبراء القيادة اضافة الی جيش من اعضاء مجالس البلديات في مدن وقری المحافظة؛ ناهيك عن ائمة الجمعة والجماعة الذين لهم مكانة عند العشائر وعند الحكومة . هؤلاء جزء من مأساة المحافظة. لا تسمع لهم صوتا.. خائفون.. مهزومون.. يتنفسون بصوت خافت، لايكاد يسمع لهم صوت؛ يختبئون وراء ظلهم حفاظا علی ماحصلوا عليه من منصب او مال لايسمن ولايغني من جوع . المرشد الايراني الاعلی اية الله علي الخامنئي زار المحافظة عدة مرات كان اخرها عام 2014 وتم الاتفاق علی تخصيص الموارد المالية الكافية لاستكمال مشاريع المجاري والمياه في المحافظة بعدما وقف علی حقيقة الاوضاع؛ لكنها بقيت في ادراج مكاتب الحكومة دون اي متابعة من المنتخبين من نواب المحافظة الذين يتحملون الوزر الاكبر للمأساة التي تشهدها المحافظة حاليا .البعض من ابناء المحافظة يعتقد انه يستطيع أن يرقص علی جراح المحافظة وازماتها منسجما مع اصوات خارجية تدعو للوقوف امام النظام السياسي لتحقيق اهداف انفصالية او امنية يعارضها عموم ابناء المحافظة . السيد الخامنئي الذي وصف الخوزستانيين بـ"الاوفياء" قال انه لا يستطيع أن يعتب علی احتجاجات المواطنين الذين يعانون شح المياه لكنه القی باللائمة-وهو محق- علی التلكؤ الذي حصل في تنفيذ المشاريع التي تم الاتفاق عليها . ان ايجاد حل جذري لمشكلة المياه ووضع سياسة مائية وخدمية صحيحة ومستدامة في محافظة خوزستان كفيل بسد حاجات المواطنين وغلق باب كل من تسول له نفسه استغلال هذه المشكلة لاغراض سياسية او امنية.