ثمن الوسام الأولمبي!

الرياضة 2021/08/03
...

علي رياح  

ستحققُ الفكرة التي أنا في صددها غضبا جماعيا شاملا لدى اتحاداتنا الرياضية دونما تمييز أو استثناء!  
سألت قائد المنتخب الأولمبي البرازيلي داني ألفيش بطريقة مباشرة: ما هو الثمن الذي يجب أن تدفعه أية أمة عن طيب خاطر من أجل أن تنال وساما أولمبيا، ولنقل وساما ذهبيا؟!  
كان ردّه فصيحا رافقته ضحكة خجول : في كرة القدم يجب أن تكون لديك بنية كروية متينة وعريقة وقائمة على التخطيط ، تنمو فيها اللعبة من القواعد وصولا إلى المراحل المتقدمة ، ولا أنسى أن يكون البلد في وضع اقتصادي وأمني مناسب في غالب الأحيان وليس كلها!  
لم اكتف بالنجم الذي أدهش به البارشا الجميع يوم تعاقد معه وكان وقتها أغلى مدافع في العالم ، وإنما نقلت السؤال إلى بطل كبير من أبطال دورة طوكيو وهو لاعب الجودو التشيكي لوكاس كارباليك الذي اكتسح أبطال هذا الفن القتالي وأحرز الذهب عن جدارة واستحقاق ، كان رده : في الألعاب الفردية يساوي الحصول على بطل أولمبي مليون دولار عبارة عن معدل موازنة يجب أن تضعها الدولة على مدى سنوات طويلة وفقا لخطة بعيدة المدى .. بالطبع لن تنفق الدولة المليون على أي رياضي، إنما يجب أن يكون من النخبة من الأبطال في رياضته على امتداد العالم، وعندها قد ينال الوسام الذهبي أو قد لا تتيح له أجواء التنافس مثل هذا المنجز، إنما أنا أقول إن المليون دولار يجب أن تنفق على بطل كبير في ظروف مواتية، وبعدها تجري مطالبته بالإنجاز!  
مليون دولار؟ كنت اتساءل في دخيلة نفسي.. هل يمكن أن تكون لدينا نحن العراقيين مثل هذه الفكرة أو المشروع أو مجرد النية، وهل سيذهب المليون الذي تحدث عنه بطل الجودو العالمي الأولمبي إلى أبواب الصرف المستحقة أم تجري عملية (تشذيب) المبلغ في الدهاليز والمفاصل والمصالح؟!  
سيظن البعض أنني إنما أذهب بعيدا في تخيلاتي أو أحلامي حين اتحدث عن وسام للعراق، ومعه الحق كله.. لكنني أضع الجانب الآخر للفكرة.. انظروا إلى بلد فقير اقتصاديا مثل الأردن وكيف في إمكانه أن يحقق الأوسمة الأولمبية دونما انقطاع ونحن أدرى بحاله في الرياضة وغير الرياضة.. ما السر في هذه الهمة التي نجدها لدى أشقائنا الأردنيين في أنهم لن يعودوا من الدورة قبل أن يضعوا اسم بلادهم على لائحة الأوسمة؟!  
السر يكمن في مركزية العمل والقرار والتخطيط والتنفيذ، والشدة في الحساب والمحاسبة، وقبلها جميعا التخصص المحدود في رياضات فردية لها جذورها العميقة.. لنأخذ مثلا واحدا رياضة التايكواندو.. لقد وضع الأمير الحسن بن طلال جذورها قبل نحو خمسين سنة وباتت تؤتي ثمارها حتى في ظل فقر الإمكانيات المالية!  
هل يمكن أن نحذو حذو الأردن وننفذ تجربته بتركيز الاهتمام على رياضات محددة يمكن أن نصل بها إلى وسام أولمبي ولو بعد زمن بعيد؟ لا يمكن أبدا.. فالاتحادات الرياضية لدينا جميعا ستضج بالاعتراض، فهي ترى أنها تصلح – جميعا - لهذه المهمة، ولن يقبل أحد منها أن يتنازل عن حقه في أن يكون هو المشروع الواعد الذي يسبق وسامنا الأولمبي.. وهنا تكمن فاجعتنا التي لا فكاك أو خلاص منها!