8 - 8 - 88

آراء 2021/08/10
...

  د. كريم شغيدل
 
بعد مرور ثماني سنوات توقفت تلك الحرب المشؤومة بعد أن حصدت ما يقارب المليوني ضحية من الطرفين، عادت قوات الطرفين حيث كانت قبل الحرب، وعاد كل شيء إلى ما كان عليه، 
فما معنى ذلك؟ لِمَ نشبت؟ ما الغاية منها؟ من كان يقف وراءها؟ ما الذي حققته للعراق أو لإيران؟ سوى الدمار وفقدان الأبناء وترمل النساء وتيتم الأطفال؟ لم تخلِّف تلك الحرب سوى الدمار للشعبين، بغض الطرف عن مبررات الطرفين.
فور إعلان وقف إطلاق النار، هبت جموع الشباب إلى شوارع بغداد لتحتفل حتى الصباح، وكان الماء علامة من علامات عودة الحياة، لا أعتقد بوجود شعور بالنصر، لكن كان هناك فرح أساسه الخلاص من الموت، فقد كنا آنذاك في طوابير كلٌّ ينتظر دوره حطباً لتلك المحرقة.
سارع الكثير من الشباب للزواج برغبة منهم أو برغبة من أهاليهم، لا لغرض الاستقرار أو تكوين أسر، بل ليخلفوا ذرية تبقيهم أحياء بصورة رمزية، فالمصائر على كف عفريت 
الحرب.
مقابل الفرح الذي غمر غالبية العراقيين بإعطائهم أملاً بالبقاء أحياء، هناك أسر تصاعد من منازلها الصراخ، الأم التي فقدت ابنها، والزوجة التي فقدت زوجها، والأخت والأخ والجار والأبناء والأصدقاء، أحسوا بثقل الكارثة، لأنهم دفعوا ثمناً بفقد عزيز لهم في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وها هي تنتهي بكل بساطة، إذاً لماذا اندلعت أصلاً، وبعد تبادل الأسرى فرحت بعض الأسر العراقية وكذلك الإيرانية بعودة الأبناء، لكن هناك من فجع، فكثير من الأسرى ماتوا، ومن كان لديه أمل بعودة مفقود ولم يعد، فقد الأمل نهائياً، فنهاية الحرب ليست أفضل من بدايتها.
كثيرون عادوا من دون أن يتوقع أحد عودتهم، فوجدوا زوجاتهم قد تزوجن، وكثير من الأسرى عادوا بنفسيات محطمة انعكست على سلوكياتهم مع أسرهم، بعد أن هدرت سنوات شبابهم في المعتقلات تحت ظروف غير إنسانية قاسية.
اعتلى الدكتاتور صهوة جواد وهو يرتدي الزي العربي متبختراً ممتلئاً زهواً، ولكن على جثث الملايين، فقد انتهت الحرب ولم تحقق هدفاً يذكر سوى ملايين الضحايا، إذاً هي الهزيمة 
بعينها.