تخمة مدربين وأزمة تدريب

الرياضة 2021/08/11
...

خالد جاسم
* علمت ذات يوم ليس بعيدا في عمق ذاكرة الزمن من شخص موثوق يعمل في اتحاد الكرة ان سجلات الاتحاد تحتضن أكثر من (1500) مدرب.. نعم أكثر من ألف وخمسمائة مدرب كروي تحت مختلف التصنيفات والأسماء والمسميات.. هذا الرقم الكبير، بل والمخيف في الوقت نفسه، يجعلنا نقف مشدوهين وحائرين ومتأملين ونحن نتساءل: إذا كان لدينا مثل هذا العدد الهائل من المدربين المعترف بهم (وهو المفترض ), فلماذا نعيش أزمة تدريب أولاً وأزمة مدربين ثانياً، ودفعت الكثيرين في ظل الأزمتين المتلازمتين والمتضامنتين معا الى المناداة باستدعاء سرب المدربين الاكفاء الذين غادروا الى ملاعب دول الجوار وغيرها؟.
هذا الرقم الكبير في عدد أصحاب السراويل التدريبية  الذي لا أعتقد ان بريطانيا (مهد كرة القدم في العالم) أو البرازيل (أم المواهب الكروية) أو صربيا أو المانيا (فيهما أفضل المدارس التدريبية وخيرة المدربين) تحتضن مثله، يدفعنا الى إطلاق كلمات الرثاء لواقعنا التدريبي والسجلات التي تحتضن هؤلاء المدربين.. ذلك ان من يسمع بهذا الرقم سوف يحسدنا بالتأكيد مع أن الحقيقة تقول ان واقع الحال لا يحسد عليه تدريبياً!.
هذه التخمة الكبيرة تدفعني للسؤال: من هم هؤلاء الألف ونصف الألف مدرب.. وكيف تم تصنيفهم في ملفات أو سجلات اتحاد الكرة، وهل هناك تقييم أو تصنيف حقيقي يفرز الغث والسمين من هذه القائمة الهائلة؟ وإذا كانت لدينا مثل تلك التخمة في المدربين, فلماذا لا تزال إدارات الاندية في مختلف درجاتها تعاني الأمرين ولا تزال تبحث عن المدربين الأكفاء أو الذين تراهم جديرين بقيادة فرقها في الموسم الجديد؟ وبعضها اضطر تحت ضغط العسر التدريبي وضعف الثقة بالمدرب العراقي الى النجدة بمدربين من الخارج.
هذا الرقم المرعب في أعداد مدربي كرة القدم لدينا يفرض على اللجنة الفنية أو لجنة المدربين التوقف عنده طويلاً ومراجعة وتدقيق أسماء أصحابه من المدربين الذين قد لا تنطبق على الكثيرين منهم (وهذا هو المرجح) تسمية المدرب الحقيقي، ذلك أن مهنة التدريب هي أشق وأصعب المهن, وتسمية مدرب ليست بالسهولة التي يتصورها البعض الذي تمكن من خلال طرق وأساليب مختلفة من ولوج باب التدريب، والحصول على اسم مدرب من دون جدارة واستحقاق يتماشى مع خطورة مهنة التدريب وخطورة اسم المدرب.
إن إجراء هذا الجرد الشامل والدقيق لأسماء هؤلاء المدربين، والبحث والتقصي والوقوف على الأسس أو الأسباب التي جعلت من معظمهم مدربين بين ليلة وضحاها هو أمر، بل مطلب، حيوي ومهم كي نتمكن من التوصل الى عملية فرز حقيقية لمن يستحق العمل في التدريب ويحمل تسمية المدرب، مثلما تقتضي الضرورة تطوير عملية التصنيف والتقييم السائدة في عمل اللجنة الفنية، ليكون هذا التصنيف منصفاً ودقيقاً, لكي يوضع المدرب المناسب في (المنتخب) المناسب، وذلك في إطار التقييم الفني الدقيق والعادل .. كما أن عملية جرد هذا العدد الهائل من المدربين تبدو خطوة لا بد منها لكي نتخلص من (تخمة) سلبية ولا معنى لوجودها في قاموسنا التدريبي, إذ ليس من المعقول أن تبقى مثل هذه التخمة حاضرة، وفي الوقت نفسه نشكو ونعاني أزمة أو ندرة المدربين!.