(احتراق)

الرياضة 2021/08/12
...

علي حنون
 
قد تتباين الآراء بشأن لاعبينا المُحترفين، في الخارج لكنها يَقينا تلتقي عند نقطة جوهرية وهي أننا لا نَمتلك نجوما في عالم الاحتراف، وإنما أسماء تسعى بما أوتيت من رغبة وإصرار لمُجاراة الآخرين وتسجيل بصمة حضور لا غير، والأمر يسري على الوجوه المُغتربة وان كانت لبعضهم مُؤشرات تواجد ايجابية مع فرقهم، إلا أنها لم ويبدو أنها لن تصل إلى المستوى، الذي يُمكن معه أن نفخر بصور عطائهم، واغلب الأصوات، التي تُناصر وتُشيد بمن يحمل راية العراق، مُحترفا، إنما دافعُها  هوعاطفي لا يسنده المنطق.
عندما نأتي على موضوع الاحتراف الخارجي، فإننا، نتمنى نجما بمواصفات المصري محمد صلاح (ليفربول) وكذلك  على شاكلة المغربيين حكيم زياش (تشلسي) واشرف حكيمي (سان جيرمان) ومن وزن الجزائري رياض محرز (مانشستر سيتي) وعينة أخرى من اللاعبين العرب، الذين يتميزون في المُسابقات الأوروبية الكبيرة، وليس تواجدا ثانويا في مساحات أدائية، لا يُمكن مُقارنتُها بالدوري الانكليزي أو الاسباني ولا حتى بالألماني والفرنسي.
نعي، أن الاحتراف ليس مُجرد مهارات أولية تُقدمها للآخرين، وإنما هي ثقافة تستوعب فيها فواصل امتهان كرة القدم، إلى جانب القدرة على الانسجام مع الحياة المُختلفة، التي لم يعتد عليها اللاعب المحلي والقدرة على توظيف الظروف المُتاحة في تطوير قدراته واستثمار كُل معايير التفوق لتحقيق مسار جديد يحمل له الثناء.
اغلب لاعبينا غير موفقين في دراسة العروض الاحترافية واتخاذ القرار الصائب بشأنها، وبينهم من وضع مصيره في هذا الجانب بيد أشخاص غير مُختصين في عملية تسويق اللاعبين، ولا يعنيهم مدى التوازن بين كفتي الإفادة الفنية والأخرى المالية للاعب، وإنما يَنظر إلى الأمر بعين الاستفادة المادية فحسب، حتى ولو جاء الاختيار بعيدا عن المنطق المهني.
معلوم أن الاحتراف يجب أن يقود اللاعب إلى بلوغ مرحلة التوفيق في تطوير الجانب المهاري (التكنيك)، وتطويعه خدمة للأداء الجماعي من خلال التحصن بالقدرة على استيعاب مُختلف أساليب العطاء الجماعي، وهما أمران لا يُمكن ركنهما جانبا عند اتخاذ قرار الاحتراف، لكن مع لاعبينا لا نَجد ذلك حاضرا ولا نرى في رحلة الأغلب سوى عملية (احتراق) لا يجني منها لاعبنا سوى العائد المادي، ولنا في رحلة نجمنا مهند علي (ميمي) الدليل والبرهان في هذا الصدد، حيث أن مشواره لم يأت وفق معايير احترافية يُعتَد بها وإنما جاء قراره في هذا الجانب اعتمادا على رؤية أراد فيها الاستجابة لأي (عرض) ينسجم وحاجته المادية وإمكاناته الفنية، حتى انه أضاع بسوء خياراته فرصا ذهبية لا تُعوّض كان يُمكن أن تأخذه بعيدا في عالم الاحتراف.
نبقى نُمني النفس بان يرتقي لاعبونا بتفكيرهم ويُحسنون الاختيار، عندما يقررون الشروع برحلة احترافية، ذلك أن الخطوة الأولى، هي من ترسم معالم خارطة الطريق لقادم محطات احترافهم، ما يعني أنه إذا لم تكُن البصمة الأولى واضحة، فان مشوار اللاعب في مفاوضات الخطوات التالية، ستأتي ضعيفة ولا ترتقي إلى مستوى الطموح.