صناعة المُستقبل

الرياضة 2021/09/01
...

علي حنون
المتمعّن في عمليات الاستقطاب، التي تسير عليها فرق أنديتنا، تأهباً للمنافسات الممتازة في النسخة الجديدة لدوري كرة القدم، يقف على يقين مفاده أنه لا توجد (ولادات) شبابية بين اللاعبين ممن يمكن الاعتداد بقدراتهم ويعول على إمكاناتهم الفنية، وان كل ما تفعله فرق الاندية الممتازة، هو تبادلها للأسماء فقط، وان قائمة وجوه الدوري بقيت منذ مواسم عدة تحتفظ بذات اللاعبين، ما يعني أننا أصبحنا نُعاني في جنبتين، الأولى ركون أنديتنا إلى الاستعانة باللاعب الجاهز هربا من (وجع) التخطيط المرحلي، والثانية الابتعاد عن الاهتمام بفرق الفئات السنية. ويقينا أنَّ الأمرين يأتيان بالخطر الشديد لكرتنا الوطنية ويُسهمان بصورة مُباشرة في تسديد سهام الأذى لقادمها، طالما أنَّ أنديتنا، التي تعتمد عليها المنتخبات الوطنية، ابتعدت عن أداء دورها في جانب صناعة اللاعب، وهي حال ستضع كرتنا الوطنية داخل دائرة المُعاناة أكثر في المستقبل، بعدما تكون الأسماء، التي تتم الاستعانة بها حاليا من قبل الأندية، ولاسيما الجماهيرية منها، قد بلغت من العطاء أرذله، أو أنها ستصل قريبا جدا إلى هذه المرحلة، ما يجعلنا ندق ناقوس الخطر الحقيقي، الذي ربما تبلغ كرتنا شاطئه في غضون موسمين أو ثلاثة في حال بقيت هذه السياسة هي السائدة. ولأننا ندرك أنَّ الفرق، التي تتمتع بقاعدة جماهيرية وتعيش في (بحبوحة) مالية أفضل من الأخرى، هي من تُشكل بورصة (المزايدة) للاستقطاب، وهي من تعتمد عليها مُنتخباتنا في رفدها بأكثر من (80 %) من اللاعبين، فإنه وعلى وفق ما تقدم يُمكن تسجيل توقعاتنا لمستقبل لا يسر من خلال رصد الفلسفة غير السليمة لتلك الأندية، وتعاطيها مع الأمر بطريقة لا تنم عن إدراكها حجم المسؤولية المُلقاة على عاتقها، وهو ما يُؤكده عدم اهتمامها بصناعة اللاعبين الشباب، واعتمادها فقط على سياسة استيراد الوجوه الجاهزة، وهي تعتقد بفلسفتها في هذا السياق، أنها تُحسن مُمارسة عملية التسويق إلى جانب إصابة النتائج الايجابية الموسمية، وهي رؤية يعتبرها من تعنيه الكرة الوطنية سلوكا أنانيا ليس على الأندية اتباعها بنسبة كبيرة كما هو الأمر حاليا. نعي أنها فرق كبيرة ومُطالبة بتحقيق النتائج الجيدة باستمرار، نظير وقوعها تحت ضغوطات المُحبين والمُريدين، إلا أنَّ ذلك لا يشفع لها إلغاء أو تحجيم مسؤوليتها في رفد المنتخبات الوطنية بالجديد من اللاعبين، ما يعني أنها، والى جانب اهتمامها ببناء فريق يضم لاعبين أصحاب كفاءة وخبرة، فإنه يجب عليها أيضا أن تُولي الاهتمام المطلوب باللاعبين الشباب من خلال تأهيل من يستحق منهم المضي إلى الامام عبر منحهم فرصة التواجد مع الفريق الأول، وبذلك تكون أصابت غايتين في آن واحد، الأولى المساهمة في إبراز الطاقات الواعدة، والثانية السعي لبناء قاعدة شبابية في تشكيلتها، وعندها تكون أيضا تحملت الجزء، الذي يقع على عاتقها من المسؤولية التضامنية، التي تتعلق باستدامة الجودة في صفوف منتخبنا الوطني لكرة القدم.