لمياء نعمان
لم يكن يحبها عندما تزوجها، كان يحلم بحبيبة يسهر الليل لأجلها ويتغنى بها، عن طريق الأشعار وكلام الرومانسية لدغدغة مشاعرها ، ورغم مروره بتجارب عاطفية الا أنها لم تصل لمرحلة الزواج، لكن الصدفة تتغير هي الآخرى كانت تود أن يكون فارس أحلامها كالقصص العاطفية والمسلسلات التركية، وسيما ولبقا ويمتلك المال والحال، شاءت الصدف أن يتزوجا من دون مقدمات عاطفية، وحاولا أن ينسجما لبناء حياتهما معا من دون تدخل الأهل والأصدقاء، ورغم نضجهما الا أن الصراخ والنقاش الحاد يعلوان بينهما لصغائر الأمور، على الرغم من أنهما خريجا جامعة ويعملان بوظائف محترمة، كان من الصعب أرضاؤهما والتنازل عن متطلباتهما وآراؤهما ودمجها في بوتقة واحدة وقرار ينفعهما..
مع مرور الوقت أدركا إن رغبا في العيش معا عليهما التنازل عن بعض المفاهيم والموروث الاجتماعي والأسري للرجل والمرأة، ليكون منفذهما لحياة خالية من المنغصات اليومية، ليتمكنا من تجاوزها وصياغة حياتهما للأفضل، لأن زواجهما أصبح على المحك ووصل الى الطلاق.
تدخل بعض المحبين والأهل لجعلهما يتركان نزاعاتهما وخلافاتهما والبدء بالتفاهم والتحدث بالكلام الطيب بينهما، وتجاوز العصبية وضيق الصدر والأفراج عن دواخلهم النفسية ضد بعضهما، ليتمكنا من حلول لعيشة رضية مع توافر قدر من المحبة والتراضي والإصغاء للآخر وعدم التأثر بحياة الآخرين، مع مرور السنين أصبحت العشرة هي المقياس والحكم في علاقتهما وحتى لو كانت هناك مشكلات واحتياجات كبيرة مهما كانت فهما لا يستطيعان الفراق عن بعضهما، خاصة بعد أن كبر الأولاد، لقد دخلت حياتهما المودة والرحمة والتعامل بطيب خاطر دون المساس بكرامة أحدهما، ولم يتناسيا الكلام الطيب مع الاحترام والتفاني. كل هذه أحكام يومية جعلت حياتهما تمر بسلاسة وسلام واصبحت أيامهم هادئة من دون منغصات.
علاقاتنا الاجتماعية الجميلة التي نتمسك بها يحكمها الكلام الطيب والتراحم والمحبة والصدق وقلوب عذراء، لا غبار عليها من الحقد والكراهية والحسد والضغينة والعشرة الطيبة تدخل السرور وراحة البال والطمأنينة والبسمة المشرقة، التي تعلو الوجوه لتمنح الآخرين التأثير الأيجابي عليهم، لذا فالعشرة لها مقاييسها وأحكامها على نفوسنا وحياتنا ومجتمعنا.