محمد صالح صدقيان
أطلقت الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، الأربعاء الماضي، شراكة أمنية جديدة في منطقة المحيطين الهادئ والهندي اعتبرت رسالة قوية للصين تقول أن التطور التكنولوجي الغربي يستطيع الوقوف أمام الصين وأمام سيطرتها علی بحر الصين الذي تحاول بكين أن تجعله مساحة نفوذ.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن : إن "الشراكة الجديدة مع أستراليا وبريطانيا، تتعلق بتعزيز التحالفات وتطويرها لمواجهة التهديدات".
وخلال مؤتمر عبر الفيديو مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ونظيره الأسترالي سكوت موريسون، اعتبر بايدن أن "الشراكة ستعزز القدرة المشتركة على المشاركة في القرن الحادي والعشرين".
وقال مسؤول في البيت الأبيض : إن المعاهدة الأمنية الجديدة المسماة "أوكوس" ستتيح لأستراليا الاستحواذ على غواصات تعمل بالدفع النووي، في خطوة من شأنها أن تقود كانبيرا إلى إلغاء طلبية ضخمة أبرمتها مع باريس عام 2016 بقيمة 40 مليار يورو لشراء غواصات فرنسية الصنع.
هذه الخطوة وإن كانت موجهة للصين والی مساحة نفوذها الجيو ستراتيجية الا انها ستترك آثارها علی ملفات دولية اخری وتحديدا في منطقة الشرق الاوسط التي تتأثر رمالها بمثل هذه التطورات.
الصين اعتبرت المعاهدة عودة لمفاهيم الحرب الباردة وهي تزعزع السلام والامن الاقليميين؛ بينما اعتبرتها فرنسا "خيانة" و"قرارا وحشيا وشعورا بمرارة وهي طعنة في الظهر" علی حد تعبير وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان .
المعاهدة "أوكوس" جزء من مجموعة احلاف عسكرية وامنية تحاول الولايات المتحدة عقدها لاحتواء الصين عسكريا وامنيا حيث تحاول بعض الدوائر الاميركية التلويح بان الصين هو العدو (رقم واحد) بالنسبة للولايات المتحدة ويجب احتواؤه، وتسعی الولايات المتحدة عقد مؤتمر في واشنطن يجمعها مع الهند واستراليا خلال الاسابيع المقبلة وهذا يعني ان منطقة بحر الصين وضعت علی فوهة بركان علی خلفية ان الصين لا تسمح بتعرض مصالحها للخطر كما قالت وزارة الخارجية الصينية.
هناك ملفات مرشحة للتصعيد مع الصين منها الملف التجاري والحرب الاقتصادية مع الولايات المتحدة اضافة الی قضية تايوان والتلويح باستقلال هذه الجزيرة لتكون خاصرة الصين الضعيفة.
ما يهمنا نحن في منطقة الشرق الاوسط، كيف ستنعكس "أوكوس" علی ملفات منطقتنا حيث تتعدد ملفاتها الساخنة وان فرنسا والصين ليستا بعيدتين عن هذه الملفات.
فرنسا موجودة في لبنان وتقرّبت من العراق وهي تريد اعادة صياغة ملفاتها وعلاقاتها مع ايران كما نوه بذلك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال الاتصال الهاتفي الذي اجراه مع الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي قبل ايام.
الصين تتهيأ لابرام اتفاقية العمل المشترك مع الحكومة الايرانية الجديدة وهي تعمل للاستثمار والتواجد في ميناء "جاسك" الستراتيجي المطل علی بحر عمان المقابل لمضيق هرمز وعملت علی قبول عضوية ايران في منظمة شنغهاي خلال مؤتمر طاجكستان الذي عقد في العاصمة دوشنبه.
ربما تدفع المعاهدة الامنية البريطانية الاميركية الاسترالية "أوكوس" الصين الى الاستعجال بتوقيع معاهدة العمل المشترك مع ايران والتواجد في سوق ايران الواعدة وعلی سواحلها المطلة علی المياه الخليجية.
ربما سيحدث ذلك؛ لكن المهم ان تكون دول المنطقة مستعدة لاستيعاب مثل هذه التطورات لتصب بمصلحتها وبمصلحة دعم الامن والاستقرار فيها والتسريع بعملية التنمية التي تتطلع لها دول وشعوب المنطقة.