لندن: وكالات
طَوابير لأميال خارج محطات الوقود، ساعات من الانتظار لملء الخزانات، البعض ينامون في سياراتهم والبعض الآخر يحاولون التجاوز والعديد يشعرون بالذعر مما يرونه رغم دعوة الحكومة لعدم الهلع، بهذه الصورة وصفت وكالات الأنباء والصحافة الغربية الحال في بريطانيا خلال الأيام الماضية.
وتفجرت أزمة نقص وقود في بريطانيا خلال الأيام الماضية، وسط "شراء بدافع الذعر" من سائقي السيارات القلقين لدرجة أن الحكومة تفكر في الاستعانة بالجيش للقيام بعمليات توصيل الوقود لمحطات التعبئة.
من جهتها، أكدت شركات النفط، ومن بينها (شل، وإكسون موبيل، وغرين انيرجي) على أنه لا يوجد نقص في البنزين، وقالت إن الضغوط على الإمدادات ناتجة عن "ارتفاع مؤقت في طلب العملاء، وليس عن نقص في الوقود على المستوى الوطني".
وتحدث وزراء بريطانيون مؤكدين النقطة نفسها، حيث قال وزير البيئة، جورج اوستيس: "ليس هناك نقص. الشيء الأكثر أهمية هو أن يشتري الناس البنزين بالكمية التي يفعلونها عادة"، وأضاف: "كان من الممكن علاج الأمر بالكامل إن لم نر تلك التغطية الإعلامية بشأن مسألة وجود نقص، ثم رد الفعل الشعبي على ذلك".
ولكن من الواضح أن هناك نقصا في البنزين في منافذ البيع، وقالت جمعية تجار التجزئة للوقود: إن الوقود نفد في نحو ثلثي المنافذ (محطات التعبئة) من بين نحو 5500 منفذ مستقل، وإن البقية "سينتهي في بعضها الوقود وسرعان ما سينفد".ويكمن السبب الرئيس في الواقع في نقص سائقي الشاحنات في بريطانيا مما تسبب بصعوبات في التوصيل، وتشير التقديرات إلى أن هذا النقص يبلغ حاليا أكثر من 100000 سائق في بريطانيا، وقد أدى إلى مشكلات لمجموعة من الصناعات: مثل المتاجر، وسلاسل الوجبات السريعة، في الأشهر الأخيرة. وبعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، عاد العديد من السائقين الأوروبيين إلى بلدانهم الأصلية، أو قرروا العمل في مكان آخر، بسبب البيروقراطية على الحدود وتأثيرها في دخلهم، وبعد وباء كورونا عاد المزيد من السائقين إلى مدنهم، ولم يرجع لبريطانيا إلا القليل منهم، وتقاعد في الوقت نفسه السائقون الأكبر سنا، ولم يحل محلهم آخرون للتراكم الكبير في اختبارات سائقي الشاحنات الثقيلة بسبب الوباء.واندلع الذعر بشأن الوقود بعد أن قالت شركة النفط "بي بي" الأسبوع الماضي إنها ستضطر إلى إغلاق عدد قليل من محطات الوقود "مؤقتاً" بسبب نقص سائقي الشاحنات. وواجهت قلة من شركات النفط الأخرى مشكلات مماثلة في تلك المرحلة.
وتحت الضغط، قررت الحكومة البريطانية تعديل سياسة الهجرة ومنح ما يصل إلى 10500 تأشيرة عمل مؤقتة، من تشرين الأول الحالي إلى كانون الأول المقبل، للتعويض عن النقص الحاد في عدد سائقي الشاحنات، وكذلك في الموظفين في القطاعات الرئيسة للاقتصاد البريطاني.وأعلنت أنها ستقدم تأشيرات مؤقتة لـ 5000 من سائقي صهاريج وقود، وعربات أغذية أجنبية، بالإضافة إلى 5500 عامل دواجن، في الفترة التي تسبق عيد الميلاد.
وأرسلت أيضا نحو مليون خطاب إلى السائقين الذين يحملون رخص شاحنات ثقيلة لتشجيعهم على العودة إلى الصناعة، وتعتزم تدريب 4000 آخرين ليصبحوا سائقي شاحنات ثقيلة.
ويذكر هذا الوضع بحقبة السبعينيات حين تسببت أزمة طاقة بتقنين الوقود، وتقليص أسبوع العمل إلى ثلاثة أيام. وقبل عقدين، أدت احتجاجات ضد ارتفاع أسعار الوقود إلى إغلاق المصافي وشل النشاط في البلاد لأسابيع.
في سياق متصل، أظهر استطلاع للرأي أجرته YouGov أنه فقط 4 % من البريطانيين يعتقدون أن عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد سارت "بشكل جيد للغاية" منذ نهاية الفترة الانتقالية.
وبحسب الاستطلاع الذي شارك فيه 6546 شخصاً يعتقد 21 % ممن شملهم الاستطلاع أن فترة ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد سارت "بشكل سيئ إلى حد ما"، بينما رأى 32 % أنها كانت "سيئة للغاية".