الاستنكار المُعلن.. والتأييد الخفي

الرياضة 2021/10/04
...

علي رياح  

مثل كل مرة ، كانت وسائل التواصل الاجتماعي الميدان الذي تمَّ فيه وضع قائمة المنتخب العراقي قبل مواجهة لبنان والإمارات تحت مظلة الجدل والنقاش، وتبارى الجميع في إظهار التأييد والاختلاف وذهب التنازع على القائمة حدودا لا تحدث إلا في العراق ، مع أن الدعوة إلى الانضمام للمنتخب – وفقا لما هو متعارف عليه في العالم كله – مهمة يقوم بها المدرب المسؤول ومعه الطاقم المساعد، فعلى رؤوس هؤلاء فقط ستدور الدوائر وسينصب جام الغضب حين يقع التعثر أو الإخفاق ، في حين يتفرق مجد الفوز ويتوزع بالقسطاط على كل من أدلى برأيه ولا يتبقى للمدرب ومساعديه سوى اجترار الحسرات على هذا الوضع الذي نحن فيه منذ أمد ليس قصيرا!  
أغرب ما في الأمر، أن بعضا من المشتغلين في الإعلام أدانوا أولاً الطريقة التي يتمّ فيها تسريب قائمة المنتخب الأخيرة سواء كانت القائمة حقيقية أو تنطوي على تزييف بالحذف والإضافة، هم أنفسهم الذين يسعون إلى الحصول على حق الانفراد بمضمون القائمة من دون النظر الجدي في النتائج المترتبة على تسريبها إلى الناس وجعلها في متناول كل من يجد في كرة القدم المتعة ، سواء كانت هذه المتعة بريئة لوجه الكرة أو أن فيها أغراضا شخصية!  
ومع الإقرار التام بأن ما نسجله على المدرب أدفوكات غيابه التام عن رصد الملاعب والأندية العراقية ميدانيا وهي نقطة نسجلها أيضا على من أبرم العقد معه، فإن رأيي الثابت في الأمس واليوم وحتى يشاء الله، أن أسرار العمل التدريبي مع منتخب يمثل بلدا، ينبغي أن تظل في إطار السر الذي يكمن ولا يجوز الإفصاح عنه فضلا عن التباهي به.. في زمان بعيد مضى كان المدرب يقدم لائحة بأسماء اللاعبين المنتدبين لأداء مهمة وطنية إلى الاتحاد الكروي، ولم يكن لاعبونا – حتى النجوم أو مراكز القوى في المنتخب – يعلمون بفحوى اللائحة، كما أنهم ليسوا أبدا في وارد تسريبها أو فتح باب النقاش عليها بأي شكل من الأشكال.. مؤكد أن هذا الأمر كان من فضائل أن وسائل التواصل الاجتماعي لم تخترع بعد، أما في يومنا هذا، فالتفاصيل كلها مباحة تسريبا وجدلا ورفضا، تبدأ الممارسة من اللاعبين الذين سقطت أسماؤهم عن اللائحة وفقا لقناعة المدرب ولا تنتهي عند الإشهار في وسائل التواصل ثم التشهير في ساحة مفتوحة من الآراء حول من يستحق أو من لا يستحق تمثيل المنتخب!  
في الشأن ذاته ، لدينا آراؤنا خصوصا حين يتم تغييب عدد من لاعبينا المحترفين أو المغتربين في الخارج ، وهذه نقطة نوهنا عنها كثيرا ، ولا ادري ما السر في هذا الحجب لبعض – ولا أقول كل المواهب الموجودة في الخارج – لكننا ومع التحفظ على الطريقة التي يتعاطى فيها المدرب مع فئة من لاعبينا ، لا ينبغي أن ننجرّ إلى ساحة من المساجلات بلغة فيها التشفي من المنتخب ، حتى أن البعض صار يتمنى خسارة المنتخب لمجرد أن لائحة اللاعبين لا تعجبه!  
بحكم الاعتياد وطبيعة العمل أيضا، ألاحق شؤون المنتخبات الأخرى، ولا أجد مثل هذه الفوضى التي نحن فيها.. وإذا التمسنا للجماهير العذر في أن تطرح رأيها بخصوص غياب لاعبين مفضلين لديها، فإن ما نمارسه كإعلاميين من الخوض في أدق التفصيلات دون أية كوابح مهنية يقتضي مراجعة متأنية للحال ، لا بل يقتضي أيضا الإدراك بأن مساحة الرأي لا تعني الإمعان في تصفية الحساب!