بغداد: هدى العزاوي ... تصوير خضير العتابي
رافق العملية الانتخابية، وخصوصاً السابقة في 2018، الكثير من التشكيك بنزاهتها وعدم حصانتها من الاختراق والتزوير، إلا أنَّ إجراءات عدة رافقت الاستعدادات للانتخابات الحالية بعثت بها مفوضيَّة الانتخابات للمواطنين لطمأنتهم بشأن شفافيتها، وعدا الأجهزة الالكترونية والقضايا الفنية واللوجستية وإجراءات السلامة، فإنَّ وجود المراقبين الدوليين يشكل ضامناً أساسياً لنزاهة الانخابات.
وتقول المتحدثة باسم مفوضية الانتخابات جمانة غلاي لـ"الصباح": إنَّ "المراقبين الدوليين جهة محايدة سيقومون بنقل الصورة بكل شفافية عن العملية الانتخابيَّة، بالتالي فإنَّ نقلهم للصورة الحقيقيَّة ضمانة لنزاهة العملية الانتخابية، لذا فإنَّ حضورهم محايدٌ وما عليهم إلا نقل الصورة الصحيحة من خلال تقاريرهم لضمان نزاهة العملية الانتخابيَّة".
وفي ما يتعلق بالإخفاقات السابقة بينت غلاي بأنَّ "مجلس المفوضية الجديد عندما تسلم المفوضيَّة شكَّلَ لجنة من القضاة المستشارين لمراجعة إخفاقات المرحلة السابقة لغرض تجاوزها في هذه المرحلة، وبالفعل كانت هناك دراسة في هذا الموضوع وتم التعاون مع الأمم المتحدة للمساعدة الانتخابيَّة وتم تجاوز كل الإخفاقات السابقة وهذا ما أثبتته المحاكاة التي أجريت ثلاث مرات، وقد أثبتت أنَّ هذه الأجهزة رصينة ونزيهة وشفافة".
وأضافت "بشأن الآليات المتبعة لضمان نزاهة الانتخابات فنحن نعمل مع الشركة الألمانية الفاحصة ومع أجهزة الأمن السيبراني، فضلاً عن تواجد الأمم المتحدة وخبراء على هذه الجوانب، وفضلاً عن الفنيين المختصين في المفوضية فهناك لجنة اختصاص من الفنيين من العلوم والتكنولوجيا وموظفين من هيئة الإعلام والاتصالات سيكونون موجودين في جميع مراكز التسجيل لغرض تجاوز أي خلل الكتروني مفاجئ، وهذه اللجنة تجاوزت جميع الإخفاقات من خلال المحاكاة التي تحدثت عنها الأمم المتحدة وأشاد بها المراقبون الدوليون من الاتحاد الأوروبي الذين حضروا المحاكاة الأخيرة".
واكدت غلاي أنَّ "مفوضية الانتخابات هيئة مهنية مستقلة تخضع لمراقبة مجلس النواب، وبالتالي فإنَّ رقابة مجلس النواب في حال إخفاق المفوضية يمكن محاسبتهم كما تمت محاسبة المفوضية السابقة".
من جانبه قال الخبير في مفوضية حقوق الإنسان العليا الدكتور علي البياتي في حديث لـ"الصباح"، إنَّ "وجود المراقبين الدوليين هو بسبب إخفاق الدولة في ضمان انتخابات نزيهة وحرة وشفافة طيلة الفترات الماضية وعدم معالجة الأخطاء التي كانت تحدث قبل وخلال وبعد كل انتخابات، ما دفع الى تدخل المجتمع الدولي من خلال مجلس الأمن بإرسال مراقبين دوليين يراقبون أداء العملية الانتخابيَّة بكل ظروفها وتقييم نزاهتها ومساحة الحرية في الترشيح والدعاية وحق الانتخاب والاختيار، وإرسال تقاريرها إلى الجهات الدولية وأهمها مجلس الأمن لتقرير موقف المجتمع الدولي من العملية السياسية والمنظومة السياسية".
واوضح أنَّ "المراقبة لن تكون مكثفة وشاملة بكل تأكيد بل هي نوعية، فلن يتجاوز عدد المراقبين الدوليين 600 شخص في أقصى الحدود ولن يتمكنوا من تغطية كل المساحات ولكن سيكون التركيز على عينات معينة وأيضا الاعتماد على مجسات أخرى كالمنظمات المدنية المراقبة والإعلام وغير ذلك".
وأضاف، "من وجهة نظرنا فإنَّ وجود الرقابة الدولية النوعية وليس الشاملة التي تعني الإشراف الدولي هو عملية توازن ما بين الحفاظ على دعم المجتمع الدولي للعملية السياسية بأخطائها الموجودة وايضا الضغط على الجهات المشاركة في الانتخابات لضبط نفسها للحفاظ على نزاهة الانتخابات وشفافيتها مع دعم مؤسسات رقابة وإجراء الانتخابات لتطوير قدراتها أكثر وهي لا تملك عصا سحرية في أحسن الأحوال".
بدوره، قال رئيس المركز العراقي للتنمية الإعلامية الدكتور عدنان السراج في حديث لـ"الصباح": "بالتأكيد فإنَّ وجود المراقبين الدوليين في الانتخابات العراقية البرلمانية الحالية يخلق حالة من الاطمئنان الدولي وتهيئة الاستقرار للواقع السياسي في العراق والذي يعكسه وجود هؤلاء في العملية الانتخابية وتأثيرهم سيكون واضحاً في الخارج اكثر مما هو في الداخل، ففي الداخل لا يهتم الكثير بوجود هؤلاء سواء إنْ كان بشكل عام او من اجل سلامة ونزاهة الانتخابات، كون المواطن العراقي يشكو من مسألة التلاعب بالأصوات والتي كانت تتم سابقاً داخل المحطات وفي أماكن تجميع وإحصاء الأصوات، فضلاً عن مسألة التهديدات التي تتم داخل المحطات الانتخابيَّة، لذلك يشعر المواطن العراقي بأنَّ الانتخابات تحتاج الى حصانة أمنية وتكاتف سياسي من أجل إجرائها بشكل نزيه".
وأضاف أنه "في ما يتعلق بالأجهزة التي تم استيرادها، كما أوضحت تجارب المحاكاة، فهي أجهزة رصينة ولكن لا يمكن أنْ نحكم على شيء قبل حدوثه، فكل الإجراءات للتثبت كانت ناجحة وجيدة، ومع ذلك فإنَّه في وقت الانتخابات ستتبين فعاليتها وقدرتها على إنجاح العملية الانتخابيَّة من دون أنْ يكون هناك نوعٌ من الاختراق أو التهكير أو ما شابهه ذلك".
بينما أكد الخبير القانوني طارق حرب لـ"الصباح" أنَّ "المفوضية الحالية الى الآن تمتثل لأعلى درجات الالتزام والمهنية والحرفية التي تسير بموجبها أجهزتها، كما أننا نستنتج بأنها تبغي العدالة والشفافية، وكما يقال فإنَّ الامور رهين ظواهرها، وكل هذه الإجراءات التي تقوم بها المفوضية دقيقة جداً، لا سيما أنَّ المحاكاة والتجارب بعمل الأجهزة وعدم إمكانية سرقة أو التلاعب أو إدخال معلومات جديدة أو سحب معلومات أو نقلها الى مرشح آخر، كما كان في السابق، يبين أنَّ الانتخابات ستكون نزيهة، ناهيك عن أنَّ هذه الانتخابات مشمولة برعاية دولية وهذا لم يكن موجوداً في جميع الانتخابات السابقة".
وأوضح أنَّ "وفد الجامعة العربية الذي حضر فضلاً عن اشتراك العديد من الخبراء أشادوا بنجاح إجراءات المفوضية من خلال المحاكاة التي أجريت مرات عديدة، كما أشادوا بموظفي المفوضية وإتقان عملهم وهذا ما دحض ما قيل عن الانتخابات، ولا أقول 100 % ولكن أقل من ذلك بقليل هذه الانتخابات نزيهة وشفافة وستكون دقيقة جداً، إذا ما علمنا أنَّ الحكومة والاجهزة الامنية تفرغت للانتخابات ومن أجل الانتخابات ولتحقيق العدالة".