حق التظاهر وحقوق الناس

العراق 2021/10/19
...

سالم مشكور
 
التعبيرُ السلمي عن المطالب حق مشروع، والتظاهر السلمي حق كفله الدستور وفي نفس الوقت فإن مصلحة البلاد وأمنها واستقرارها أهم من أي مكسب سياسي أو حق يُطلَب. دماء الناس وحقوقهم أهم من كل عنوان، والمصلحة العامة فوق مصلحة فريق معين. هكذا كان يقال أمام الخروقات التي شهدتها تظاهرات العام 2019، من اغلاق شوارع وحرق إطارات وتعطيل مدارس واعتداءات على أملاك عامة وخاصة من مجموعات اندست بين المتظاهرين، وهكذا يجب أن يقال الان حيث يشهد الشارع العراقي احتجاجات على نتائج الانتخابات من جمهور بعض الأطراف السياسية أو المرشحين المنفردين من أبناء العشائر، ترافقها خروقات مشابهة مما يؤثر في حرية تنقل الناس ويعيق حياتهم. المستفيدون من التظاهرات أو المحرّكون لها يمارسون حقاً ديمقراطياً إذا كانت سلمية وقانونية، لكنها ممارسة محفوفة بالمخاطر في وضع ملتهب وقابل للاختراق الخارجي والداخلي كالوضع العراقي.
ما سمّي بثورات الربيع العربي كلها بدأت باحتجاجات مطلبية محقة، لكنها تحولت الى معاول تهديم لبلدانها بعدما دخلت عليها مجموعات مصالح سياسية داخلية ومنظمات تحركها أجهزة خارجية وحرفتها عن أهدافها وضيعت ليس مطالب المتظاهرين فحسب بل حقوق وأمن شعوب بأكملها، وأدت الى تقسيم بلدان، وتعميق مأساة أخرى ما زالت تعاني حتى اليوم. ها هي سوريا ممزقة واقتصادها منهار والقوات الأجنبية تتقاسم الكثير من مساحتها وثرواتها تنهبها مجموعات إرهابية او قوات محتلة إقليمية ودولية. 
وتلك ليبيا التي تتقاسمها مجموعات مسلحة في وضع أبعد ما يكون عن الدولة ذات السيادة. هكذا كان يراد للعراق بالأحداث التي انتهت بدخول عصابات داعش الارهابية واحتلالها لمساحات شاسعة من البلاد، لكن يقظة القوى الوطنية بهوايتها وانتماءاتها كافة حالت دون ذلك بعدما دفعت المناطق الغربية الثمن تهجيرا وخراباً وأرواحاً اسوة بأرواح أبطال القوات الأمنية من كل المناطق – لا سيما من الوسط والجنوب – الذين حرروا المناطق من دنس الإرهاب.
ومن طرد داعش وقدم الاف الشهداء من أجل افشال مخطط تفتيت العراق لا تنقصه اليقظة والوعي بأن ضبط الاحتجاجات اليوم في اطارها السلمي سيحبط أية محاولات جديدة لاختراقها من المتربصين بالوطن 
وأمنه واستقراره.