إدارة السياسة.. الأزمة وضرورة تجاوزها

العراق 2021/11/10
...

علي حسن الفواز
 
ادارة السياسة هي ادارة المحتوى، قبل ادارة الشكل، وهو مايجعلها رهينة باقصى درجات المسؤولية، وبضرورة توافر الحرص الاستثنائي على تحفيز هذه الادارة بعوامل الجدّة، والدعم، والتمكين، لكي تكون أكثر تفاعلا وتواصلا مع استحقاقات الحاجات الوطنية، واكثر تمثيلا لفواعل النجاح، إذ يتطلب هذا النجاح، وفي ظل ظروف صعبة، المزيد من الصبر والعمل والحوار والتنظيم والتخطيط لتعزيز جهود الادارة الناجحة.
ما يشهده المشهد السياسي العراقي من تعقيدات بعد اجراء الانتخابات المبكرة، يكشف عن طبيعة المشكلات التي تواجه اشكالياتها ادارة السياسة بشكل خاص، لاسيما في  مرحلة مابعد الانتخابات، ومابعد معالجة الطعون على نتائجها، إذ يتطلب الأمر تحمّل مسؤوليات كبيرة، على مستوى الثقة بالجهاز الانتخابي، وبالمعطيات التي تحققت، ووعلى مستوى الامكانات الفنية واللوجستية التي اعتمدتها، والتي يمكن الدفاع من خلالها عن النتائج بوجه الشكوك التي اثارتها بعض القوى السياسية، فضلا عن مواجهة تعقيدات "الصراع" السياسي، على مستوى الاستمرار بمواجهة التحديات الامنية، ومواصلة النجاحات الكبرى التي تحققت خلال الايام الاخيرة، او على مستوى تهيئة الاجواء السياسية للتفاهمات والاتفاقات، لغرض عقد اول جلسة لمجلس النواب الجديد، بعد مصادقة المحكمة الاتحادية على النتائج النهائية، والذي يعني اكمال المسار الدستوري لاختيار الرئاسات الثلاث، وتأطير مسار العملية السياسية بما يناسب النتائج المتحققة من جانب، وتوزيع الادوار بين الفرقاء السياسيين، وقبولهم بالخارطة السياسية الجديدة من جانب آخر.
هذه المعطيات مهمة جدا، لأنها قرينة بفعاليات سياسية، ومقاربات تخص ماستقوم به القوى السياسية الفائزة، ومستوى تفاهماتها مع القوى الأخرى، وتأثير ذلك في صياغة المشهد السياسي، مثلما هي قرينة بإجراءات لها أبعاد داخلية وخارجية، لاسيما بعد محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرّض لها رئيس الوزراء، وما أثارته من ردود فعل كبيرة في المجتمع الداخلي والمجتمع الدولي، ومادفعته الى جملة من الحوارات الوطنية، باتجاه التهدئة، وتغليب المصلحة الوطنية، وإبعاد البلاد عن المشكلات والصراعات والعنف الأهلي، وعن التدخلات الخارجية التي ستجد في مثل هذه الأزمة مجالا لزرع أسلحتها الناعمة في الواقع والخطاب، وفي تفتيت عضد القوى السياسية وتوريطها في صراعات من الصعب السيطرة على تداعياتها.