الوجوه الجديدة في البرلمان تبشّر بولادة معارضة فاعلة

العراق 2021/11/16
...

 بغداد: شيماء رشيد 
   ونافع الناجي
بينما قلل خبراء سياسيون من شأن الأنباء التي تتحدث عن انفراجة قريبة في المشهد السياسي الحالي وتوقعاتهم بإقامة التحالفات المرتقبة في الوقت الضائع بعد المصادقة على النتائج، رآى آخرون أن ما أفرزته النتائج الأولية للانتخابات الأخيرة من وصول وجوه جديدة إلى الدورة البرلمانية الخامسة، يبشر بولادة معارضة فاعلة وحقيقية.
 
ويشير مختصون الى أن التغيير الأبرز شمل محافظتي النجف والمثنى بنسبة تقترب من 80 %  اذ تمثل بوصول وجوه جديدة، ما يوحي أن المستقلين قد يشكّلون نواة معارضة حقيقية داخل البرلمان، وهو الأمر الذي لم نألفه طيلة العقدين الأخيرين. 
وقال الناشط المدني حيدر عبد الصاحب لـ"الصباح": إن "المستجد على الساحة الآن، هو ان الأحزاب الناشئة والمستقلين الذين خرجوا من رحم انتفاضة تشرين وهؤلاء عددهم يتراوح مابين عشرين الى أربعين مقعداً".
وأضاف أن "هؤلاء ارتكزت دعايتهم وبرامجهم الانتخابية بتشكيل معارضة برلمانية رقابية وعدم المشاركة مطلقاً بالمناصب الحكومية وهو الأمر الذي غاب عن الدورات البرلمانية الأربع الماضية منذ العام 2003 ولغاية اليوم". 
واختلف قانون الانتخابات الجديد عن سابقه بترشيح أعلى الأصوات من المرشحين عبر الدوائر المتعددة، الأمر الذي أحدث مفاجآت كبيرة باستبدال النواب السابقين الذين استمر بعضهم لدوراتٍ عدة دون تغيير، وأقصى جزءا من القوائم التقليدية الكبيرة. 
وأوضح عميد كلية القانون في جامعة المثنى د. مجيد مجهول لـ"الصباح"، أن "بعض الكيانات السياسية بحكم عدم خبرتها الكافية في نظام الدوائر المتعددة، أخفقت في الحصول على المقاعد المأمولة، بالرغم من حقيقة حصولها على عدد كبير من الأصوات، والسبب في ذلك هو كثرة عدد المرشحين خلال الدورة الانتخابية الخامسة". 
ورغم اعتراض الكتل التقليدية واحتجاجها أمام المنطقة الخضراء ببغداد، فإن مراقبين يرون الا وجود لدليلٍ ملموس على التزوير، ويرى خبراء أن نتائج الانتخابات تتجه نحو حسمها بشكل نهائي خلال هذه الأيام، لعدم وجود دليل قاطع على تزويرها أو حرفها عن مسارها الطبيعي، وهو ما يدفع المعترضين الى الاتجاه نحو بدائل أخرى قد تفضي لتشكيل 
حكومة توافقية.
إلى ذلك، لا يزال الوقت مبكراً للحديث عن ملامح الحكومة المقبلة لاسيما أن موضوع التحالفات لم يبدأ بعد والمفاوضات لن تنطلق إلا بعد المصادقة على نتائج الانتخابات.
وقال المحلل السياسي إياد العنبر لـ"الصباح": إن "نتائج الانتخابات الى الآن لم تتم المصادقة عليها، لذلك فالمفاوضات الحقيقية تبدأ عندما تكون هناك محاولة دخول في الوقت الضائع لكي يتم حسم هذه القضايا، ويبدو أنه الى هذه اللحظة لا يوجد توافق بين القوى السياسية 
على قبول النتائج".
وأضاف، أن "القوى التي كسبت الأصوات في الانتخابات تعتقد أن الأمور تسير في صالحها والكرة في ملعبها، أما القوى الخاسرة فتحاول الضغط وتحاول جهد الإمكان أن ترفع نتائجها، وهذه الأزمة الآن، ستتحول بعد المصادقة على نتائج الانتخابات الى موقف آخر هو الإقرار بقبول نتائج الانتخابات وعلى التفاوض بشأن الحصص بين الكتل السياسية وهي العقدة الثانية التي ستكون أساس الجدل في قادم الأيام".
وتابع، أن "تأخر تشكيل الحكومة لن يشكل أزمة، لأن الحكومة الحالية تتمتع بصلاحيات تصريف الأمور اليومية، والأمور في العراق لا تحتاج الى تعقيد كثير"، مبيناً أن "العراقيين تعودوا على تأخر إقرار الموازنة وغيرها من المواضيع، ولكن السجال سيكون معقداً خلال المرحلة المقبلة على اعتبار أن الموازنة وإقرارها وإدارة الموارد سيكون حاضراً بقوة، لذلك لن تكون المشكلة في تسيير الأمور اليومية وإنما المشكلة بالدرجة الأولى هي أن الكثير من الملفات المعقدة ستعطل 
تشكل الحكومة".
وأوضح العنبر أنه "لا يوجد شيء اسمه كتلة سياسية أكثر عدداً حصلت على أعلى المقاعد يمكن أن تجعلها في مساحة حرة وقادرة على تشكيل الحكومة، وما حصل عليه التيار الصدري يعني أنها الكتلة الأكثر مقاعد نيابية وهي لم تحسم هذا الموضوع لصالحها"، منوهاً بأن "الكتل النيابية الأكثر عدداً تحتاج الى 165 نائبا، وعلى هذا الأساس سيكون خيار التحالفات مطروحاً أمامهم".
وتابع، أن "التحالف نحو حكومة أغلبية أمر لا يقتصر على التيار الصدري وإنما تتشارك به الكتل السياسية السنية والكردية أيضاً وهي لا ترغب بالذهاب إلى خيار الأغلبية لأنها ترى في وجود معارضة قوية داخل قبة البرلمان عرقلة للكثير من الصفقات، وهذه عقدة جديدة ستكون أمام مشكلات ملفات تشكيل الحكومة المقبلة".