سالم مشكور
آلاف المهاجرين بينهم عدد كبير من الأكراد العراقيين يقاسون البرد والجوع على حدود بيلاروسيا مع بولندا بعدما منعتهم الأخيرة من دخول أراضيها ليتخذوها ممراً الى ألمانيا. يموت منهم شيوخ وأطفال، جوعا ومرضاً ولا أحد من المنظمات الدولية يتحرك سوى ببعض تصريحات وبيانات لا تخفف من معاناة هؤلاء.
كثيرا ما كتبت هذه العبارات خلال عملي الصحافي خارج العراق في عهد النظام السابق، حينها كان العراقيون يتدفقون على دول اللجوء فيقعون ضحية الكثير من شبكات التهريب فيضيعون في مياه البحار والمحيطات. أشهر تلك الكوارث غرق نحو 420 عراقيا في سفينة متهالكة للسماسرة انطلقت من اندونيسيا باتجاه استراليا. كان العراقيون يهاجرون بالآلاف هرباً من البطش أو الجوع الذي خلفه الحصار الدولي الجائر بعد الغزو الصدامي الاجرامي للكويت.
الغريب انني أكتب أيضاً اليوم عن آلاف المهاجرين الأكراد العراقيين العالقين في غابات الصقيع، مع أن نظام صدام انتهى قبل تسعة عشر عاما عن عموم العراق وانسحب قبل ثلاثين عاما من المنطقة الكردية التي تشهد الان
موجات هجرة كبيرة.
واللافت للنظر ان اللاجئين يتحدثون عن ذات الأسباب السابقة، وكأن
شيئا لم يتغيّر.
المؤلم أن هؤلاء الباحثين عن لقمة العيش والحرية كما صرّح كثير منهم للإعلام، باتوا أداة بيد الحكومة البيلاروسية في خصامها مع جارتها بولندا. الأخيرة تتهم الاولى بانها تستخدم اللاجئين ورقة ضغط عليها، وتقول إن المحرّك لذلك هو الرئيس الروسي، وهو ما تنفيه كل من روسيا وبيلاروسيا، التي تهدد بوقف صادرات الغاز الى أوروبا ردا على تهديد الاتحاد الأوروبي بعقوبات عليها. بولندا ومعها الاتحاد الأوروبي وصفوا الموقف البيلاروسي بإرهاب الدولة، فيما يشبه كثيرون ما يحدث اليوم بالموقف التركي إبّان موجة تدفق اللاجئين السوريين على أوروبا انطلاقا من الأراضي التركية
قبل سنوات قليلة.
لا يمكن التخلي عن المواطنين الأكراد، فهم أبناء بلد اسمه العراق، رغم القناعة التي رسّخها البعض في أذهانهم بأنهم ليسوا عراقيين. الأسباب التي دفعت هؤلاء الى الهجرة وردت متناقضة على لسان متحدثين في الإقليم، والأفضل هو في معالجة الأسباب الحقيقية. حسنا فعلت الحكومة الاتحادية بالتحرّك وتوفير إمكانات إعادة من يريد منهم الى الوطن، بدل أن يبقوا ورقة يتناحر بها جيران متخاصمون.