مع حلول موسم الطيور المهاجرة .. مطالب بالحد من الصيد الجائر

ريبورتاج 2021/12/13
...

 عباس رضا الموسوي 
 
منذ طفولتنا البعيدة، اذ البراءة المفرطة والتأثر الشديد، كنا نتفق جميعنا ونحن نشاهد فيلم الكارتون (نيلز) الذي يماحك عالم الطيور، على تجريم ذلك الصياد الذي يلحق بالطيور المهاجرة ويردي الكثير منها برصاص بندقيته اللعينة، الا (غانم) الذي كان ينتمي لأسرة تعتمد على الصيد كباب رزق لها، فقد كان يبرر للصياد جريمته لذا عندما بلغنا من العمر عتيا وراح كل منا يمارس هوايته المفضلة كالشعر والموسيقى والرياضة وغيرها من هوايات نشأت معنا، فان صديقنا امتهن الصيد وراح ينتظر فصل الشتاء بفارغ الصبر ليطارد الطيور المهاجرة مثلما كان يفعل ذلك الصياد في الفيلم الكارتوني إن لم يكن ابشع من ذلك.
 
أنواع الطيور وأغلاها
كما هو حال الاسماك في الماء والماشية على الارض فان للطيور في السماء أنواعها المختلفة، فمنها ما هو باهظ الثمن وآخر ثمنه بخس، اذ يكون القياس على ندرة الطيور، وأحيانا يدخل ضمن قائمة الطلب لأغراض تتعلق بالعلاج من مرض ما.
ويقول الصياد غانم ضايف سلطان: إن أغلب الطيور التي تدخل المناطق المائية في العراق خلال فصل الشتاء هي طيور ذات قيمة غذائية عالية، ولا يوجد نوع من هذه الطيور الغريبة يتمكن الصيادون من اصطياده ولا يفعلون، لأن الأسواق المحلية تكاد أن تكون خالية من الطيور البرية مقارنةً بعدد الراغبين بشرائها، ويضيف: الا أن البعض من هذه الطيور له ثمنه الاغلى مثل طيور البط البري والخضيري وام سكة وغيرها من الطيور التي تدر على الصيادين بالربح الوفير، لذلك يبذل الصيادون جهودا مضنية لاصطيادها من دون أن يكترثوا لأي إرشادات تتعلق بخطر انقراضها او كونها من الطيور النادرة، خصوصا ان الصيادين عندما يقضون ساعات طويلة في الأهوار رغم البرد القارس يكون كل همهم العودة بصيد ثمين.
 
سفرات صيد بريئة
وعلى العكس من ذلك، يجد البعض في طبيعة الأهوار ومناخاتها الفرصة لقضاء اوقات من السعادة مع الهدوء والسكينة والهواء النقي والجمال الخلاب وغيرها من مؤثرات نفسية يحتاجها الناس كي يتغلبوا على مشقة العمل وزحمة المدن وضجيجها، ويقول بسام الغزي: ان الجمال الطبيعي للأهوار يجذبني دائماً لتنظيم سفرة مصغرة برفقة عدد من الاصدقاء لقضاء اوقات جميلة في تلك التخوم الهادئة، مشيراً الى قيامه باصطياد بعض الطيور المائية المتوفرة هناك بكثرة لشيها اثناء السفرة على الحطب لتكون متممة لسعادتهم، خصوصا ان الصيد هواية قديمة كبرت معي وما زلت امارسها ضمن القوانين التي لا تتعارض مع المحافظة على البيئة، ولا تكون سببا بانقراض الطيور النادرة.
بينما يقول ناجي جميل المطرداوي: مارست الصيد في الأهوار منذ طفولتي، كوني من سكنة الهور، وكنت وما زلت اجد به متعتي الحقيقية، خصوصا ان الصياد يقضي الكثير من وقته في عالم الصمت والسكينة بعيدا عن ضجيج الحياة.
 
أضرار الصيد العشوائي
المعروف ان اي اجراء عشوائي يتسبب بخسائر مادية ومعنوية تفوق حد الربح، لذلك تبقى طرق الصيد العشوائية تكبد الثروة الاقتصادية والبيئية والسياحية خسائر جسيمة، خصوصا عندما تستخدم السموم القاتلة بعمليات صيد الطيور، ويقول الخبير في شؤون الاهوار ورئيس الجمعية العراقية لإحياء وتطوير الاهوار الدكتور جاسب المرسومي: ان المشكلة الحقيقية التي ادت الى استمرار انتهاك الأهوار تكمن بعدم تطبيق النظم العالمية المخصصة للصيد في العراق، ومنها عدم ممارسة غير الصيادين المجازين، وهذا الامر أثر سلبا في حماية مكونات بيئة الأهوار، وخاصة الطيور المهاجرة، مشيرا الى قيام جمعيته بتنفيذ العديد من المشاريع التي تعنى بحماية الأهوار وفي عدد من المحافظات، من بينها ميسان والبصرة، وبالتنسيق مع الامم المتحدة ووزارة البيئة، غير إن توقف هذه المشاريع اثر سلبا في توفير الحماية الكافية لعوالم الأهوار التي ما زالت تتعرض للقتل الجماعي من قبل أشخاص اغلبهم يأتون من المدن البعيدة.
 
إجراءات مشددة
ولكي تتوفر الحماية اللازمة للطيور المهاجرة، وخصوصا النادرة منها لا بد من اتخاذ الاجراءات اللازمة من قبل الجهات المعنية والتي تسهم في الحد من انتشار ظاهرة الصيد الجائر الذي يفتك بالطيور ويمنع اصطياد الطيور النادرة وتلك المعرضة للانقراض، لذا تقول مديرة البيئة في محافظة الديوانية ساهرة الخالدي: ان المجلس الاعلى لتحسين البيئة وبالتنسيق مع مديرية بيئة الديوانية اعطى لحماية عوالم الأهوار وبالخصوص الطيور المهاجرة والمعرضة للانقراض اولوية في اعماله، لما تمثله هذه الأصناف من الطيور والأسماك من ثروة بيئية واقتصادية، مشيرة الى اجراءات عاجلة اتخذت مع حلول موسم الشتاء، من بينها ابلاغ السيطرة المنتشرة في محيط الأهوار بتشديد الرقابة على الصيادين، وتوزيع بوسترات تثقيفية تعرف الصيادين الهواة بأنواع الطيور المعرضة للانقراض لتفادي اصطيادها، واكدت الخالدي استمرار الفرق البيئية بزياراتها الميدانية للأهوار والاطلاع على واقعها واعداد التقارير المتعلقة بها، والتي تعطينا الانطباع الحقيقي للعوالم المائية، ومدى تأثير ظاهرة الصيد الجائر لغرض اتخاذ الاجراءات اللازمة.