جيل جديد من عصابات نابولي يستخدم السوشيل ميديا

بانوراما 2019/03/10
...

لورينزو توندو
ترجمة: خالد قاسم
أعتقل ايمانويلي سيبيلو للمرة الأولى عندما كان يبلغ من العمر 15 سنة، اذ دهمت الشرطة منزله في حي فورسلا ضمن مقاطعة نابولي أثناء محاولته التخلص من سلاحين ناريين. استمر دخول ايمانويلي وخروجه من السجن طيلة السنوات اللاحقة، وبرز بين النزلاء الشباب بسبب قدرته على كسب الاحترام وقراءة الكتب والصحف.
عندما بلغ 18 سنة بحلول العام 2013 استعد للخطوة الكبيرة التالية؛ وهو التمرد ضد جماعات كومورا القديمة من مافيا نابولي للسيطرة على المدينة بأكملها. فقد اعتقلت السلطات الايطالية منذ مطلع القرن الحالي مئات زعماء الكومورا، ومع مقتل أو اعتقال المجرمين القدماء، بدأ الأطفال والشبان، مثل ايمانويلي، بأخذ مكانهم.
كانت هذه الظاهرة موضوع رواية أصدرها قبل ثلاث سنوات الكاتب الايطالي روبرتو سافيانو، وسلطت الضوء على كومورا وأدت الى حصول الكاتب على حماية مستمرة من الشرطة. 
حملت الرواية اسم "لا بارانزا دي بامبيني"، ويترجم بارانزا الى قارب صيد صغير لكنه بلغة كومورا يعني جماعة اجرامية يتزعمها شبان أو سمك صغير. يشير الكاتب الى هؤلاء الأطفال مطلقا عليهم لقب "أسماك الضاري" المفترسة، اذ يحمل كثير منهم مسدسات وهم بأعمار لا تتجاوز 15 أو 16 سنة.
قام كلاوديو جيوفانيزي بتحويل الرواية الى فيلم أخرجه، حيث فاز بجائزة الدب الفضي كأفضل سيناريو لدى عرضه من قبل مهرجان برلين السينمائي للعام الحالي. 
يسبب التوجه العنيف قلقا كبيرا داخل المدينة، وذلك لأن بنية كومورا أفقية وليست هرمية على غرار بقية عصابات المافيا الكبيرة في ايطاليا، مثل كوسا نوسترا وندرانغيتا. وتبدو النتيجة وكأنها حالة غير منتهية من الحرب بين جماعات كومورا للسيطرة على المناطق، وهي حرب سيطرت عليها عصابات الشبان. 
حرب عصابات
ومن جهة اخرى، أدت حركة تطور الأجيال الى تغير نمط العمل، فبينما كان زعماء المافيا القديمة يعملون بعيدا عن الأضواء ويتقيدون بالصمت، نجد أن مجرمي اليوم يذيعون أعمالهم على مواقع التواصل الاجتماعي حيث يظهرون بملابس مصممي الأزياء ويمسكون أفخر قناني المشروبات الكحولية، ويتسابقون عبر أزقة نابولي على سكوتر كأنهم كلاب مسعورة، ويطلقون النار على كل 
شيء. 
وقد تعرض رجل الى اطلاق نار خلال العام 2014 لأنه ببساطة طلب سيجارة، وقبل ذلك بسنة، تلقى رجل هندي رصاصة اخترقت صدره؛ عندما كان شابان "يختبران سلاحيهما". كما وضع أحد أفراد المافيا الشباب تحت المراقبة بعد التنصت صدفة على مكالمة له وهو يصرخ مبتهجا لحصوله على سلاح جديد.
وكانت محكمة استئناف نابولي قد حكمت خلال الصيف الماضي على 42 عضواً من عصابتي شباب في منطقتي فورسلا وديكوماني بما مجموعه 500 سنة سجن.
يقول سافيانو أن وجود المجرمين الشباب هو نتاج جزئي للسياسات الاجتماعية السيئة وفشل مؤسسات الدولة مثل المدارس.
أما جيوفاني ميليلو المدعي العام لنابولي فيذكر أن العصابات انتشرت داخل المدينة حيث تجند الشبان بناء على قدرتهم لإرتكاب أعمال عنف.
يضيف سافيانو أن العصابات تفوض إليهم أعمال تجارة المخدرات والابتزاز، وهذه ظاهرة مقلقة لكنها هامشية بالمقارنة مع عمليات العصابات التقليدية القائمة على اختراق المؤسسات العامة والأسواق المالية. 
كان الكثيرون ينظرون الى سيبيلو بوصفه العراب الصغير لمنطقة فورسلا، لكنه قتل في العام 2015 نتيجة لهجوم أفراد عصابة منافسة.
صحيفة الغارديان البريطانية