جمهوريات اليسار

الرياضة 2021/12/23
...

علي حسن الفواز
 
مع فوز ممثل اليسار في تشيلي غابريل بورك في الجولة الثانية من الانتخابات الجديدة، تكون تشيلي قد اضافت رقماً جديداً لجمهوريات اليسار في دول اميركا اللاتينية، واستعادت معه جزءاً من الذاكرة الديمقراطية التي قادها الرئيس سلفادور الليندي في منتصف سبعينيات القرن الماضي، والذي انتهى حكمه بوحشية الانقلاب العسكري للجنرال بينوشيت، وبمساعدة المخابرات المركزية الأميركية.
يعكس هذا الفوز اليساري نوعاً من التحوّل في المزاج السياسي، وفي المواقف من قضايا الصراع، في اميركا اللاتينية، وفي العالم، لاسيما المواقف من دول معارضة للسياسة الاميركية مثل كوبا وفنزويلا وبيرو والمكسيك وبوليفيا، فضلاً عن الموقف من القضايا العربية، والموضوع الفلسطيني بشكل خاص، كما أنّ الفوز يعكس ايضاً تغيّراً حاداً في ضعف تأييد السياسات الاميركية في القارة الجنوبية، لعلاقتها بالأزمات التي تعاني منها شعوبها، لاسيما مشكلات الفقر والبيئة وخصخصة الاقتصاد وقطاعاته العامة والكهرباء والصحة، والموقف من المهاجرين، والتي تحولت الى موضوعات رأي عام ضاغط، وهو ما يعني تغييرا في قواعد العلاقات السياسية، والتي بدت واضحة عبر الانفتاح على الصين، وعلى روسيا وايران، وهو ما يُغيض الولايات المتحدة، ويجعلها تنظر بريبة الى هذه التحولات السياسية، والخشية من ان تتحول هذه الدول إلى أسواق مفتوحة للأسلحة، ولمصالح وعلاقاتٍ تتكرس فيها توجهات معادية للسياسة الاميركية.
إن سقوط اليمين السياسي في تشيلي، قد يكون مؤشراً  لـ"سقطات" سياسية أخرى في أنظمة الحكم اللاتينية، لاسيما في البرازيل الدولة الأكبر في القارة، والحليفة الأساسية للسياسة الاميركية، وعبر امكانية فوز رئيسها اليساري السابق لولا دي سيلفا في الانتخابات القادمة، وهذا ما سيدفع الى قراءات اخرى، وربما الى سياسات أخرى، والى خيارات، قد يكون بعضها العودة الى ما يسمى بـ"ذاكرة الانقلابات" الدامية، والتي حولت أميركا اللاتينية الى قارة دامية. وبقدر صعوبة هذه الاحتمالات، فإن ما يحمله التغيّر السياسي الجديد في تشيلي، يرسم افقاً لتوجهات، ويندفع الى تأسيس تحالفات عسكرية واقتصادية، وحتى أمنية، يمكن أن تجعل من لعبة الانقلابات امراً صعباً، لا سيما بعد فشل اليمين الفنزويلي في تغيير موازين القوى في النظام السياسي، وكذلك فشله الكبير في الانتخابات الأخيرة التي جرت في فنزويلا، وبإشراف دولي، وبموافقة أميركية.