تفجيرات بغداد «الصوتية} تتجاوز الطابع الأمني

العراق 2022/01/18
...

 بغداد: هدى العزاوي
أثارت التفجيرات بـ"عبوات صوتية" بمنطقة الكرادة ببغداد، تساؤلات بشأن توقيت وقوعها ورمزية المواقع المستهدفة العائدة لرجال أعمال من إقليم كردستان، ونوه خبراء أمنيون وتصريحات سياسيةبأن الغرض من هذه التفجيرات التي وقعت مساء الأحد خلط الأوراق ومحاولة تأجيج الصراع بين مختلف الأطراف استثماراً للأزمة السياسية في المشهد الحالي.
 
رئيس الجمهورية برهم صالح، أكّد أن "التفجيرات الأخيرة التي طالت بغداد، أعمال إرهابية إجرامية مُدانة، تهدد أمن واستقرار المواطنين".
وأضاف في تغريدة على "تويتر" أنها "تأتي في توقيت مُريب يستهدف السلم الأهلي والاستحقاق الدستوري بتشكيل حكومة مُقتدرة حامية للعراقيين وضامنة للقرار الوطني المستقل، سننجح بتآزر الخيرين في مواجهة الإرهاب واجتثاثه من جذوره".
وعقد المجلس الوزاري للأمن الوطني، أمس الاثنين، اجتماعاً طارئاً برئاسة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، جرت فيه مناقشة الأوضاع الأمنية التي شهدتها العاصمة بغداد خلال الساعات الماضية.
وأكّد المجلس الوزاري بحسب بيان لمكتب رئيس الوزراء، أن "العمليات الإرهابية التي شهدتها العاصمة في الساعات الماضية تهدف إلى زعزعة الأمن والسلم المجتمعي"، مشيراً إلى أنه "سيتم اتخاذ إجراءات مشددة ووضع خطط أمنية من شأنها أن تضعَ حدّاً لمثل هذه الأعمال التخريبية التي تهدّد الأمن العام في البلاد، وستتم إعادة النظر بالقيادات الأمنية التي شهدت قطعاتها خروقات أمنية، وستكون هناك محاسبة لمن يثبت تقصيره في أداء مهامه الأمنية".
وأصدرَ المجلس الوزاري للأمن الوطني توجيهات أمنية عدة من شأنها ضبط الأمن في العاصمة بغداد وبقية مدن العراق، وشملت التوجيهات، التأكيد على التوجيهات السابقة بخصوص الدراجات النارية بمنع حملها لأكثر من شخص، وكذلك تقييد حركتها في الشارع ابتداءً من الساعة 6 مساءً وحتى الساعة 6 صباحاً، وتقييد حركة السيارات الحكومية ومنعها من الخروج بعد ساعات الدوام الرسمي إلا بورقة عمل، ووضع مكافآت مالية للمواطنين للتبليغ عن أي عنصر مشبوه، فضلاً عن إلزام جميع أصحاب المحال التجارية بوضع كاميرات مراقبة في أماكن عملهم. بدورها قالت بعثة الأمم المتحدة في العراق "يونامي": "ندين بشدة التفجيرات التي وقعت في الأيام الأخيرة في بغداد"، داعية السلطات إلى"محاسبة الجناة".
وحثت يونامي، بحسب بيان لها، الأطراف المعنية على "مواجهة تلك المحاولات السافرة لزعزعة الاستقرار عن طريق التحلي بضبط النفس وتكثيف الحوار للتصدي لأزمات العراق". وفي تفاصيل الأحداث التي شهدتها بغداد مساء الأحد، ذكرت خلية الإعلام الأمني في بيان، أنه "بعد أن شرعت الأجهزة الأمنية الاستخبارية المختصة في التحقيق بالحادثين اللذين وقعا مساء الأحد بواسطة (عبوتين صوتيتين) في منطقة الكرادة ببغداد، فإنها ستكون قريبة جداً من المنفذين لهذين الاعتداءين بعد أن قامت بتحليل أولي للحادثين وتقاطع للمعلومات المتوفرة". 
وأضافت، أن "الأجهزة الأمنية تؤكّد أن القصاص العادل في المنفذين سيكون عاجلاً غير آجل وكشف من يقف وراء هذين العملين الجبانين اللذين يهدفان إلى زعزعة الأمن والاستقرار وخلط الأوراق". وكانت الخلية أعلنت في وقت سابق، أن "القوات الأمنية تفتح تحقيقاً في حادثين متزامنين في منطقة الكرادة ببغداد وقعا مساء الأحد، الأول انفجار عبوة صوتية على مصرف (جيهان) قرب المسرح الوطني، والثاني كان عبارة عن انفجار عبوة صوتية أيضاً استهدفت مصرف (كردستان) بالقرب من ساحة الواثق، وأسفر الحادثان عن إصابة مواطنين اثنين بجروح طفيفة". والمصرفان يملكهما رجال أعمال من إقليم كردستان.
إلى ذلك، أكّد النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني نهرو راوندوزي في حديث لـ"الصباح" أن "استهداف البنوك التابعة للإقليم والمقرات التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف تقدم والعزم تدل على أن الوضع السياسي في العراق وضع حرج جداً". وأضاف، "نسعى كقيادة في إقليم كردستان إلى توحيد البيت الشيعي، لأن أي زعزعة داخله سيمر العراق بأوقات عصيبة ومن ضمنه الإقليم".
ونوّه بأن "البرلمان وجميع القيادات في الوقت الحاضر منشغلون في اختيار رئيس الجمهورية من أجل تحقيق التوازن عند جميع القوى السياسية في العراق وأن لا تحدث مشكلات".
من جانبٍ آخر، وبشأن جميع الأحداث التي شهدتها بغداد في الأيام الماضية من خلال استهداف مقرات بعض الأحزاب وهيئات دبلوماسية وتفجيرات الكرادة "الصوتية"، أكّد المحلل الأمني الدكتور أحمد الشريفي في حديث لـ"الصباح"، أن "هناك استهدافاً لأصل النظام السياسي في العراق، لأن نظام العراق نظام ديمقراطي قائم على التداول السلمي للسلطة، ولكن عندما يصار إلىاستهداف ذلك التداول فيعني إسقاط النظرية الديمقراطية للنظام السياسي في العراق، وهذه المعادلة خطرة جداً". 
ولفت الشريفي إلى "أننا أمام تهديد خطر جداً لاسيما أن هذه الفعاليات سواء كانت بآثارها الخارجية أو الداخلية تهدد هيبة الدولة وسلامتها وسيادتها وسلامة موقف مؤسساتها، لأن هناك مؤسستين من المفترض أن تكونا ضامنة لمرحلة الانتقال السلمي للسلطة وهما وزارة الدفاع ووزارة الداخلية، لذا عندما تعجز كلتا الوزارتين عن أداء مهامهما ودورهما الوظيفي، فهذا يعني أن العراق لم يرتق بنظامه السياسي بأن يكون دولة مؤسسات أو دولة قانون".
 
• تحرير: محمد الأنصاري