أفكار منوعة

الصفحة الاخيرة 2022/01/19
...

حسن العاني 
العقدة الأعظم : قبل أكثر من 35 سنة، نشرت مقالة في إحدى الصحف العراقية، قلت فيها ما معناه، إنني أخاف إلى حد الرعب من ثلاثة أشياء هي المصاعد الكهربائية والسلطة والكلاب البوليسية، وهو خوف حقيقي لا أرمز فيه إلى شيء، وهذا الخوف الذي تحول مع الأيام إلى عقدة، ناتج عن مواقف عشت أحداثها ووقائعها في هذه المرحلة من حياتي أو تلك، ولا يتسع المجال للحديث عنها، وللحقيقة أقول : لم أتعرض بعد 2003 إلى أية عقد جديدة برغم المتاعب الكبيرة التي مر بها العراق، باستثناء عقدة واحدة هي الخوف من الديمقراطية، لأنها تكافئ الحرامي وتعفو عن المزور وتساوي بين العالم والجاهل، وتضحك في الوجه وتطعن في الظهر، وتسمع ما يوافقها بأذن واحدة، وترى ما يعجبها بعين واحدة، وتأكل بعشرة أفواه..
حلم نسائي: ماذا بقي للعراقي وقد استنفد كل شيء، الصبر والانتظار والاحتمال، سوى أحلام اليقظة، وهكذا رأيت ذات ضحى وانا وراء مكتبي في الدائرة، أن الخيرين من أبناء الشعب اسندوا لي وزارة (حقوق المرأة)، وهي الوزارة التي كنت أصبو إليها وأتمناها في سري، غير أن زوجتي جنّ جنونها وهددتني (اما هي او الوزارة)، بالطبع كان مستقبلي أهم منها بكثير، ولهذا طلقتها قبل أن يرتد إليها الطرف، وفي الحال جعلت كل شيء حولي نسائياً، مديرة المكتب والحماية وشعبة الاعلام و .. و .. وفي تلك الأجواء المخملية نسيت زوجتي وحقوقها ونفقتها وتعب سنينها معي ثم توجهت إلى الكرسي، وهو غاية الغايات وهدف الأهداف، وقبل أن أجلس  وصلني كتاب رسمي يشير إلى أنني بلغت السن القانونية للتقاعد، ويجب اخلاء المكان، ولكنني في نوبة الغضب مزقت الكتاب واسترخيت على الكرسي وواصلت حلمي اللذيذ، وما زلت أحلم!.
زوبعة في فنجان : في موسم شتاء قبل ألف سنة، كانت سحابة حبلى بالمطر تحلق في سماء بغداد، من دون أن يستقر رأيها،  هل تنزل في العراق او في تركيا او الاردن او طهران.. وكان هارون الرشيد يتابعها من شرفة قصره، فأحزنه قلقها، ولذلك طمأنها أن تمطر أينما تشاء لأن (خراجها) عائد إليه!.
بعد ألف سنة وفي موسم صيف انشغل العراقيون إلى حد الخوف والقلق من نتائج انتخابات (2018)، ولم يبق قضاء ولا محكمة اتحادية ولا محلل سياسي ولا دولة جارة ولا فضائية ولا وسيلة إعلام ولا مواطن، الا وابدى رأيه وادلى بدلوه واجتهد واقترح وتكهن وهدد حتى اختلط الحابل بالنابل وانقلبت السماء على الارض، ثم وقف صقور الطبقة السياسية وطمأنوا الناس إلى أن كل شيء تحت سيطرتهم وعائد إليهم بالنتيجة، وإن هي الا زوبعة في 
فنجان!.