في الفن الشعريّ كريستيان بوبان

ثقافة 2022/01/21
...

 ترجمة وتقديم: شاكر لعيبي
كريستيان بوبان (Christian Bobin) شاعر وفيلسوف وكاتب فرنسيّ، مؤلف عمل شذريّ معروف ذي مسحة مسيحية بلا وعظ ولا تقديس. ولد عام1951. ويقيم في منطقة اللوار الفرنسية. نشر نصوصه الأولى، الموجزة المتأرجحة بين النثر والشعر، لدى ناشرين مثل فوتامورغانا، حيث طبع على وجه الخصوص “رسائل ذهبية”. 
 
 منذ نهاية الثمانينيات، ظهرت كتبه لدى ناشرين معروفين مثل غاليمار جوار فاتا مورجانا، أصبح معروفا عام 1992 عند نشر كتابه “الأكثر انخفاضا”، وهو كتاب مخصص للقديس فرنسيس الأسيزي أو (فرانسيسكو دي أسيس - فرانسيسكو بيرناردوني). مؤلف غزير الإنتاج، في حصيلته حتى الآن أكثر من ستين كتابا. تولّع بالكتابة في سن الخامسة عشرة، وشرع في دراسة الفلسفة وطوّر شغفا بأعمال أفلاطون وسبينوزا وكيركيغارد. في سن الـ 25 من عمره، بدأ في كتابة عمله “رسالة أرجوانية”، وهو أول كتاب نُشر له عام 1977. لم يبحث كريستيان بوبان عن النجاح، وكان يواصل الكتابة أثناء قيامه بوظائف بعيدة عن العمل الثقافي، فكان أمين مكتبة في بلدية فرنسية، ومرشدا في متحف، ومحرر مجلةMilieux ، وممرضا طالبا في الطب النفسي وأستاذ فلسفة.
في عام 1995، عند الوفاة المبكرة لصديقته وحبيبته الشابة جيسلين، قام كريستيان بوبان بتكريمها في عمله “أكثر من عيش” (1996)، وهو العمل الذي زاد من قرائه. على الرغم من النجاحات، ظل بوبان مؤلِّفا “عاشقًا للصمت والورود”، هاربا من دنيوية المشهد الأدبي. 
في عام 2016، حصل على جائزة الأوسكار من الأكاديمية الفرنسية عن مجمل أعماله.
يجد كريستيان بوبان صدى وإلهامًا كبيرًا عند شعراء وروائيين قادرين مثله، على الإعجاب بالأشياء البسيطة، مثل جان غروجان أو أندريه دوتيل أو الكاتب الألماني إرنست جونجر.
شكله الأدبي المفضل هو (الشذرة)، كما أن أعماله تتفارق عن الرواية والمذكرات والشعر المنثور.
مؤلِّف تأمليّ، يمنح نصوصه طابعاً دينيا تقريبا من خلال استخدام نثر شعري هوائيّ يدعو إلى التذكّر والتأمّل. يتعامل مع مواضيع شمولية مثل الطفولة والحزن والغياب، وتشبه أعماله شظايا الحياة لأنها تنتمي إلى اللغز نفسه. يتنقل بين المقال والشعر، مفضلا الإيجاز.
لم يُعرف بوبان في العربية شاعرا، وترجمت له ثلاثة أعمال روائية.
[تفيد هذه المقدمة من معطيات ويكيبيديا]
 
في الفن الشعري
[الشعر] من أجل عالم مشحون بالانتباه:
أصْلُ العالم السيئ الذي نجد أنفسنا فيه هو الإهمال، الإهمال، الإهمال، هذا كل شيء.
ربما لهذا السبب يعد الشعر شيئا حيويا، لأن الشعر هو حجرُ شحذ [مِسَنّ]، نوع من حجر الملح، لفرك عينيك، لفرك جفونك، لرؤية اليوم مرة أخرى أخيراً، لمعرفة ما يحدث، وكي ننظر من جديد ليلا ونهارا [بينما] الموت في مواجهتنا. في رؤيته ما يقلق كثيرًاَ، وما يُنذر كثيرًا. ليلا ونهارا الموت في مواجهتنا، مختبئا وراء الشمس، انظر لكل هذا. هذا ما أعتقد أنه أصل السوء الحالي الذي هو جسيم، إنه خطأ مذعور للانتباه، وهو يكفي لتوليد أسوأ الاضطرابات وأبشع الشرور. هذا هو فقط، الانتباه. لا فائدة من الشكوى، سيخبرك الجميع أنه لا يطاق، سيخبرك الجميع بذلك، لكن الجميع يشارك به. فقط احترس مما لديك، انتبه لما يختلط بنا في الحياة اليومية. أولئك الذين هم هنا، وليس أولئك الذين يبعدون عشرة آلاف كيلومتر والذين نتظاهر بالتحدث معهم من خلال شاشة، ليس لديهم أي وزن. لكن فقط للتأكد من أن الناس من حولنا لا يضيعون، ولربما تساعدهم، تريحهم ... ها أنت ذا. 
انتبه ببساطة إلى الأضعف في الحياة، لأن الأضعف هو الأكثر واقعية ولأن هذا هو ما يستحق العيش، وهو علاوة على ذلك ما سيعيش دائما. التقط هذه الأشياء، اعتنِ بنفسك، ارعها، انتبه، هذا كل شيء. إنها أفعال سيئة لكنها أفعال مثل جيوش في عرض الطريق إذا صح التعبير، إنها أفعال مقاوَمَة كبيرة، وهي بالنسبة لي تُحقَّق في ما يسمى بالشعر.
الشعر بالنسبة لي ليس شيئا قديما، فهو ليس مفرشا من الدانتيل على الطاولة، وليس نوعا أدبيا قديمًا.... إنه الالتقاطة الأكثر رهافة من هذه الحياة التي مُنحت لنا، وهو النظرة الفاحصة الملقاة على هذه الحياة. ها هو الأمر، هذا هو الشعر. إنه ليس شيئا موجودًا على الفور في الكتب، إنه ليس شيئًا أدبيا على أي حال، إنه ببساطة السعي إلى الحصول على قلب متيقظ. متيقظ!”.
**
“لذا، أن تكون شاعراً هو أن تنظر إلى الحياة والموت وجهاً لوجهٍ، وأن تُوْقِظ النجومَ في عَدَمِ القلوب”.
**
“أبعد بعيداً عن كلّ أزمة. أن يتنظر المرء بسلام. أن يتنظر المرء بصبر. الحب - والشعر الذي هو وعيه الهوائيّ، شكله الأكثر تواضعاً، وجهه وقت الاستيقاظ – إنما هو عمق الانتظار وعذوبة الانتظار”.
**
«لا نَعْرِف ما الشعر. نَعْرِف فقط بأنه مانح دمه للملائكة التي تمرّ».
°°°°°°°°°°°
«الشعر منقار الفَرْخ المفتوح على سعته، وصمت يسقط في الحنجرة الأرجوانيّة”.
°°°°°°°°°°
«خيار واضح لا سأم به: الشعر هو أن تتبع القلب عند الذهاب إلى الاحتفال».
**
«الشعرُ [...] هو تواصُل مطلق لشخص مع شخص آخر: مشاطرة لا بقية لها، تبادُل بلا خسارة. لا نستطيع الكذب في الشعر».
**
«الشعر كلامٌ مُحِبّ. إنه يُشابه مَنْ ينطقه، وهو يطويه في عُرْي مفردات قليلة. هذه الكلمات ومعها سرّ الحضور الإنسانيّ مُهداة إلى من يُصغي إليها ومن يستقبلها».
**
«قبل أن يَكُون طريقة للكتابة، الشعر أسلوب في توجيه حياتنا، والاستدارة نحو شمس اللامرئيّ المشرقة».
**
«الشاعر رائع عندما يمرّ قرن، عندما يكون ميتاً على الأرض وحيّاً في النصوص».
°°°°°°°°
«سنفهم يوماً أن الشعر لم يكن نوعاً أدبياً شائخاً، إنما هو شأن حيويّ والفرصة الأخيرة للتنفس في صلادة الواقع».
**
«الشعر هو الطفلة المشلولة للسماء، الهزيمة الصامتة للعالَم ولعلومه».
**
«القصيدةُ تَخْفق بين يديَّ مثل عصفور أعِيْدَ بعثه. الجَمال هو مادة الديجيتالين بالنسبة للقلب. أشعر بنفحات الكلمات على وجهي مثل قنبلة بعيدة......».
مادة الديجيتالين digitaline هي مادة فعّالة مشتقة من النبتة المسماة (القمعية الأرجوانية)، جد سامّة، تُستخدم بجرعاتٍ محسوبة كمقوٍ للقلب من بين استخدامات أخرى.
**
“ينبغي ساعتان أو ثلاث لقراءة رواية، ولقراءة قصيدة ينبغي حياة كاملة”.
**
“قصائدك رائعة لدرجة أنها تنزلق بين الزهرة ولمعان الزهرة”.