رسائل الفيفا المَـنسيّة

الرياضة 2022/01/23
...

علي رياح

حين كانت الكاميرات تدور في ملعب المدينة وهي تنقل لنا أجواء مباراتنا مع أوغندا، كانت تمرّ أمام ناظريّ باستمرار عبارة (شكرا.. فيفا) وقد كانت تتوسط الملعب تماما، لهذا هيمنت على كثير من تفاصيل النقل التلفزيوني.  
عند ظهور هذه العبارة في كل مرة، كنت أتساءل: هل هذا هو الشكر العراقي سَلفا أو مقدما باعتبار ما (سيكون) من رفع للحظر، أو أن الفيفا في طريقه إلى إنهاء الحظر على نحو جدّي وفقا لخطوات تـُجرى الآن في السر ونحن لا نعلم بها؟.  
في المشهد العام للمباراة، كان كل شيء هادئا. لم يتم تسجيل خرق أمني أو تنظيمي، ومع هذا فرسائل الشكر العراقية إلى المنظمة الدولية متواصلة دونما انقطاع بينما حرمنا الحظر ويحرمنا من حق اللعب على أرضنا، وبعد ثلاثة أيام سنلعب في إيران ثم ننتقل إلى اللعب في لبنان، وفي قناعتي الراسخة أن الأجواء هناك ليست بأفضل مما عشناه في بغداد وتحديدا في ملعب المدينة وكل المناطق المحيطة به.  
سنذهب بعيدا عن العراق وإيران ولبنان، لنتوقف عند تفاصيل ما يجري في الكاميرون حيث تتواصل كأس الأمم الأفريقية.. مدينة ليمبي في الكاميرون التي احتضنت مباريات المجموعة السادسة التي ضمت مالي وغامبيا وتونس وموريتانيا.. هذه المدينة تقع تحت هيمنة فئة سياسية تطالب بالانفصال عن البلد الأم، وقد استغلت فرصة إقامة مباريات المجموعة على ملعبها كي تتحرك على كل صعيد له صلة بالعنف.. احتجاجات.. تهديدات.. أعمال شغب ثم الوعيد باختطاف وفود المنتخبات الأربعة.. الأجواء كانت مضطربة تماما، حرق الإطارات مستمر، وأصوات العيارات النارية المتفرقة كانت تـُسمع بين حين وآخر.  
برغم كل هذا لم نسمع صوتا لا للاتحاد الأفريقي، ولا للاتحاد الدولي.. لم يصل إلى أنظارنا أي تلميح – ولو تلميح – بقرار قاري أو دولي يمنع اللعب في الكاميرون أو حتى في هذه المدينة الثائرة المشتعلة على أقل تقدير.  
كان المشهد الأكثر إثارة، أن تحلـّق الطائرات العسكرية في أرجاء المدينة، وأن تجوب المروحيات سماء الملاعب التدريبية لضمان سلامة المنتخبات الأفريقية، بينما كانت الإجراءات الأمنية خلال المباريات هي الأشد صرامة في تاريخ البطولات الأفريقية وفقا لما أوردته المصادر الصحفية.  
الكاميرون ليست الدولة الوحيدة التي تشوبها أحداث تتعلق بالأمن في هذا العالم الفسيح، كثير من الدول الآسيوية تشهد قليلا أو كثيرا على هذا الصعيد، لكننا لم نشاهد تعنتا من الفيفا إلا مع العراق خلال سنوات طويلة كانت فيها بوادر الفرج أو الانفراج تظهر ثم يأتي الفصل الأكثر مرارة: يستند (الفيفا) إلى أي حادث عارضي أو مجرد أقاويل أو تكهنات كي يمارس هذا التسلط على العراق، حتى صار تخفيف الحظر وليس رفعه تماما مكرمة أو مِنّة أو منحة طوارئ مُعرّضة للسحب من التداول في أية لحظة.