(الصنايعية).. عالم التسميات المدهشة

الصفحة الاخيرة 2022/01/31
...

  الديوانية : عباس رضا الموسوي 
ذات مرة قادتني أقدامي إلى المنطقة الصناعية في مدينة الديوانية للقاء أحد الأصدقاء القدامى في مقهى (عبود كتلي) وهناك في ذلك المقهى الضيق حشرت جسدي الأسمر النحيل بين (الصنايعية) ورحت وأنا أحتسي الشاي وأنفث دخان سيجارتي أستمع إلى من هم بجواري.
 
الأول: البارحة كنا في زيارة إلى (سعد درنفيس) نبارك له بزواجه من ابنة (سمير التنكنج).
الثاني: أخبرني بهذا (حيدر برغي)، اذ قال ذهبت مع (سلام قايشات) إلى (سعد درنفيس) ومعنا (جاسم بنجر). 
حينذاك، ورغم انشغالي، تمنيت أن يتأخر صديقي الذي انتظره لأستمتع بهذا الحوار الشيق الذي ينقلك من عالمك الغارق بالرسميات إلى عالم يتسم بالبساطة والسذاجة، غير أن متعة الإصغاء انتهت مع دخول من انتظره. 
ففي عالم (الصنايعية) تغيب أسماء الآباء وتحل محلها أسماء الأدوات التي يستخدمونها ليعرفوا بها بين سائر الناس وكأنهم يعيشون في مملكة خاصة بهم. 
يقول (خالد بنزات) إن: الذين يعملون في الحي الصناعي وكذلك سواق الأجرة يعمدون إلى ابتكار تسمية جديدة لكل شخص يدخل عالمهم، موضحاً أن هذه الكنية تكون قريبة من عمله أو شكله، ومثال ذلك إذا كان قصير القامة يضاف إلى اسمه الأول (دكمة) وإذا كان يعاني من السمنة يضاف لاسمه (جوب) وإذا كان نحيف البنية (برغي) وأحياناً تكون تسميته الجديدة قريبة من 
عمله مثل (فلان الفيتر، فلان الحداد، 
فلان بنزات.. الخ).
وحلل الاستاذ في علم النفس علي الموسوي الظاهرة بأنها قديمة وسببها تأثر الإنسان ببيئته التي يعيش فيها، إذ يقول: إن التسميات الغريبة التي يطلقها الذين يعملون في المناطق الصناعية تأتي من تأثرهم بعالمهم الذي يعيشون فيه حيث المكائن والآلات وقطع الغيار وأدوات التصليح، مشيراً إلى أن بقاء 
اسم الشخص الذي يدخل في هذا عالم على حاله يعد حالة نادرة جداً، مؤكداً أن البعض من التسميات تكون محرجة للزبائن غير أن أصحابها اعتادوا عليها ولا ضير لديهم أن ناديتهم بها.